ما حكم تغيير الشيب إلى السواد، إذا كان مستحبًا، فما الصواب في الأمر في حديث غيروا هذا الشيب، وحديث أن اليهود والنصارى لا يصبغون، فخالفوهم؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد ;
جمهور العلماء على أن التغيير في الشيب ليس بواجب، وقالوا: إن الأحاديث جاءت بالأمر بذلك صرفها أمران، أو أمر ذكروه -رحمة الله عليهم- وهو:أنه عليه الصلاة والسلام رئي في بعض الأحيان وله شعرات بيض، لم يصبغها -عليه الصلاة والسلام- فتركه ليدعها -عليه الصلاة والسلام- يدل على أنه ليس بواجب، إذ لو كان بواجب لم يدعها.
وربما فرق بين القليل والكثير وهم أيضًا ذكروا أن بعض الصحابة صبغوا، هذا قد يبين أن الصبغ لم يكن للجميع كما في الحديث في صحيح مسلم من حديث أنس: أنا أبا بكرٍ خضب بالحناء والكتم، وخضب عمر بالحناء بحتًا(1).وقال عليه الصلاة والسلام:«إن أحسن ما غيرتم الشيب بالحناء والكتم»(2)، هذا أيضًا دليل إن أحسن ما غيرتم، فقوله إن أحسن يكون من الأمر المستحسن من الأمر المطلوب لكن ليس على سبيل الوجوب، هذا قد يستدل به، وأيضًا يمكن أن يستدل وينظر هذا ذكر الدليل، لكن يتبين من الحديث المشهور أنه -عليه الصلاة والسلام- قال:«من شاب شيبةً في الإسلام كانت له نورًا يوم القيامة» (3)، والحديث صحيح رواه الإمام أحمد والترمذي من رواية عبد الله بن عمرو، وكذلك رواه الإمام أحمد من رواية عبد الله بن عبيد، ورواية كعب بن مرة بروايات عدة. وقوله: «من شاب شيبة الإسلام»(4)، فمدح الشيب، فدل على أن وجود الشيب من الأمر الممدوح، ففيه إشارة إلى أن ترك الشيب لا بأس به، وقد يقال: أن المراد به أنه لا منافاة بكونه مأمورٌ بالصبغ، وكونه يشيب في الإسلام، فهو إذا صبغه حصل السنية، أو الأمر بتغييره، وشيبه في الإسلام، وإن لم يكن من فعله أيضًا يؤجر عليه، لكن هذا يستدل به في هذا المقام.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه مسلم (2341) ،
(2) أخرجه الترمذي ( 1753 ) وأبو داود ( 4205 ) وابن ماجه ( 3622 ) . والحديث : قال الترمذي عنه : حسن صحيح .
(3) وأخرجه البيهقي في "السنن" 7/311 من طريق ابن لهيعة، وفي "شعب الإيمان" (6387) من طريق عبد الرحمن بن الحارث، كلاهما عن عمرو بن شعيب، بهذا الإسناد. وأخرجه مختصراً النسائي في "المجتبى" 8/136، و"الكبرى" (9337) ، والبيهقي في "الشعب" (6386).
وعن عمر رضي الله عنه الطبراني في "الكبير" (58) ، وابن حبان (2983).
(4) ومن حدبث كعب بن مرة أخرجه الترمذي (1634). وقال الألباني : صحيح.