هل يوجد فرق بين نمص الحواجب وقص الحواجب؟ وهل قص الحواجب نأثم عليه مثل نمص الحواجب؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
النمص هو النتف، والقص قص، إما أن يكون قص أو حلق أو نمص وهو النتف، لأن النمص من المنماص الذي يُنتف به، ذهب كثيرٌ من أهل العلم إلى أن المحرم النمص، فالفرق بينهما أن النمص هو قلعها ونتفها، والقص ليس كذلك كما تقدم. أما مسألة الإثم، أما النمص فهو متفق عليه، والنمص محرم، وإن كانت هناك أقوال ضعيفة حينما يقال يجوز للمرأة المتزوجة هناك أقوال ضعيفة،والصواب هو التحريم للأخبار الصحيحة في الصحيحين عند جمع من الصحابة عند ابن مسعود وغيره، ((لعن الله النامصة والمتنمصة)) (1)، إنما إذا كان على غير وجه النمص ذهب الجمهور والمذهب وكثير من أهل العلم أنه إذا لم يكن نمصاً جاز الحف أو الحلق، ومن أهل العلم من منع لأنه في معنى النمص، لأن النبي عليه الصلاة والسلام ذكر النمص لأن المقصود من النمص هو ألا يكون على الحاجب شيءٌ من الشعر، فلهذا يعمد إلى النمص، ولم يذكر الحلق عليه الصلاة والسلام لأن الحلق يشير المكان، وينبت ويطلع بسرعة فلهذا قد لا يعمد إليه لأنه قد لا يحصل المقصود، قد يكون خروجه بعد ذلك مباشرة، لكن يحصل لمن يحلق المعنى الحاصل بالنمص. فالذي يرى التي حفت الشعر وحلقته أو حفته قريب من الحلق لا يفرق بينها وبين النامصة، والشارع لا يمكن أن يحرم شيئاً ويجيز شيئاً آخر وهو في معنى الشيء الذي نهاه عنه، إلا أن الاختلاف في الاسم، الاختلاف في الأسماء لا يؤثر حينما يتفق المعنى، لكن الشارع قد ينص على شيء لأنه هو الذي يُعمل به وهو الذي يكثر فينص عليه، مع أن غيره يوافقه في المعنى فيأخذ حكمه، ولهذا النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن بيع الغرر وهذه كلمة عامة ومع ذلك نهى عن بيع الحصاة وحبل الحبلة، مع أنها من الغرر، لماذا نص عليها؟ لأنها يتعامل بها، ثم ذكر كلمةً عامة وهو النهي عن بيع الغرر(2)، وعطف عليه وبيع الحصاة، مع أن بيع الحصاة هو الغرر، لكن لماذا نص عليه؟ لأنه واقع ويكثر، فاحتاج إلى النص عليه، كما نص على حبل الحبلة. (3)
كذلك أيضاً النمص أو ما يكون بالمنماص لأنه هو الذي ربما يستعمل وهو الذي يكثر العمل به، والحلق في معناه، وهذه قاعدة الشريعة حينما تنهى عن شيء وشيءٌ يوافقه، وهذا من باب الجمع والفرق، هذا يسميه أهل العلم في باب القواعد، في باب قواعد الفقه في الفروق في الجمع والفرق، وهو أن يجتمعا أو أن يفترقا، فإذا كانت العلة ظاهرةً فإن التفريق بينهما تفريقٌ بين متماثلين، فكان حكمه حكم النمص، وهذا هو الأظهر وإن خالف فيه من خالف من أهل العلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)حديث ابن مسعود: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «لَعَنَ اللَّهُ الوَاشِمَاتِ وَالمُوتَشِمَاتِ، وَالمُتَنَمِّصَاتِ وَالمُتَفَلِّجَاتِ، لِلْحُسْنِ المُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ» أخرجه البخاري (4887) ، ومسلم (2125).
حديث أبي هريرة: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَعَنَ اللَّهُ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ» أخرجه البخاري (5933).
حديث أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْر عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَتْ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ لِي ابْنَةً عُرَيِّسًا أَصَابَتْهَا حَصْبَةٌ فَتَمَرَّقَ شَعْرُهَا أَفَأَصِلُهُ، فَقَالَ: «لَعَنَ اللهُ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ»
أخرجه البخاري (5936) ، ومسلم (2122) ،
حديث ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَعَنَ اللَّهُ الوَاصِلَةَ وَالمُسْتَوْصِلَةَ، وَالوَاشِمَةَ وَالمُسْتَوْشِمَةَ». أخرجه البخاري (5937).
(2)عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: "نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْحَصَاةِ، وَعَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ"
أخرجه مسلم (1513) ،
(3)عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «نَهَى عَنْ بَيْعِ حَبَلِ الحَبَلَةِ».
أخرجه البخاري (2143) ، ومسلم (1514).