هل محلات الخياطة الرجالية، تأثم لأنهم يفصلون ثياب فيها إسبال؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد ;
محلات الخياطة الرجالية، من أبواب التجارة لا بأس بذلك، ولكن على الإنسان إذا فتح مثل هذه المحلات فليتحرى، في ابتداء الأمر، وأن يكون صنعه للثياب على الوجه الذي لا شبة فيه، وألا يكون على وجه محرم، ولا تكون مسبلة، على القول المختار في أن الإسبال لا يجوز، فإذا أراد أن يفتح المحل على هذا الوجه، فلا إشكال فيه، وإن قال إنه يشق عليه ذلك، فالأرزاق كثيرة ولله الحمد، فكونه يعمل في عمل لا شبة فيه هو الأولي ، وذلك أن باب الورع في المعاملات مشروع، بل إن بعض أهل العلم جعل الورع في البيع، ولما سئل محمد ابن الحسن الشيباني رحمه الله، لما لا تصنف في الورع؟ قال: قد صنفت في البيوع، يعني صنف كتاب البيوع، يعني معني ذلك أنني صنفت في الورع، لأن باب الورع في البيوع هو أظهر أبواب الفقه، بمعني أنه يدخل في البيوع الشبهات الشيء الكثير، والمعني أنه صنف في البيع، وذكر البيع الذي يحل، وذكر ما فيه شبة، وذكر البيوع المحرمة، ومن عمل بهذه البيوع، على الوجه المشروع فإنه قد اتقى واستبرأ لدينه في أكل الحلال، واجتناب الحرام، والترقي من الشبهات،
أما الإسبال فالجمهور على جوازه، فهو إذا كان يسأل ابتدأً، نقول يعمل على هذا الوجه، وإن كان إنسان عنده محل ويسأل الآن ، فلا شك أن الحال يختلف، ولا يؤمر أن يعمل عملاً يقع عليه فيه ضرر، خاصة أن كثير من أهل العلم يقولون بجوازه، فهذا تارة يكون مقلداً لمن يجيزه، ما دام أنه سأل من يثق في دينه وعلمه، وتارة يقول أنا لا أسأل إنما فتحت المحل كغيري، وهذا يبين لنا حادثة الورى، وأن الإنسان عليه ألا يقدم على هذه الأعمال حتى يعلم أحكام الله سبحانه وتعالي، وهذا في الجملة محل إجماع، وتفاصيله محل خلاف، لكن لو فرض أنه يقول أنا عندي هذا المحل، وأسأل الأن، فلا يؤمر بإغلاق هذا المحل مادام أن ذلك يوقع عليه ضرر، لكن لو قال أنه ليس عليه في ضرر، ولدي من البيوع الأخرى ما يكفيني، فترك العمل في ذلك كان أولي وأكمل، وإن كان عليه فيه ضرر، فتزول الكراهة، والشبهة في مثل هذا، حتى عند من يحرم الإسبال، يدينه بالقول الثاني، مع وجود الضرر، والحق أن هذا لا يقتصر على محلات الخياطة، بل حتى الذين يبيعون الثياب، لو قيل بالشديد في هذا، لشدد أيضاً على محلات بيع الثياب، لأن الذين يشترون يأتون، ويضعوا لهم المقاس، ويكون القياس مسبل ينزل على الكعب، فيبعه، ولكن هو أخف من كونه لم يفصله، فلم يعن عليه، إنما غاية الأمر أنه باعه هذا الثوب المسبل، وإلا يمكن أن يباع لمن لا يسبل الثوب، بخلاف من فصله، قاسه ثوباً مسبل وفصل ثوب مسبل وعمل عليه، هذا أشد، ومثل هذا لا يقال أنه يجوز لكن يقال، عليك أن تنصح من أراد أن يشتري ثوباً مسبل، يبين له أنه لا يجوز الإسبال، لكن لو قال أنا أقلد قول من يقول بجوازه، أو أن هذا رأي من بعض أهل العلم، هل يقال، أنه يجوز أن يبيعه، هذا الشيء وهو يري تحريمه، هذا مبني على جواز الشهادة في بعض العقود التي لا يري الإنسان جوازها، وغيره يري جوازه، الصحيح إن إذا كان المسألة فيها خلاف لا بأس من ذلك، أن يشهد على عقداً من العقود، وإن كان هو يري عدم جوازه، ولكن لا يقطع ببطلان قول الخصم، لأنها مسألة اجتهادية، ليست مسألة مقطوع بها، هي مسالة اجتهادية، فالصحيح أن لا بأس ولا إنكار، ولهذا يقول العلماء، ولا ينكر على أصحاب الفروع، ما لم يخالف نصاً، وهذا نص عليه أهل العلم ، في كتاب الإمامة، نص عليه صاحب الشرح الكبير ، صاحب المقنع، رحمه الله، فقالوا إنه، لا ينكر على أصحاب الفروع، إلا من خالف نصاً، وكذلك لو كان إمامك يأكل لحم الجذور، يري أنه ليس بناقد، وأنت تري أنه ناقد ، فإنه يتقدم بك ويصلي، إذا كان أقرأ منك، وإن كنت تعتقد أن لحم الجذور ناقد للوضوء، فلا بأس من ذلك ، ولا تنكر عليه وتصلي معه، وتصلي خلفه، فهذه المسألة فيما يظهر والله أعلم أنها مبنية على هذه المسألة، وهي مسألة الخلاف في مسائل الفروع، وفي مسائل البيوع، أما مسألة الخياطة فلها تفصيل وتحتاج إلى تحرير.