• تاريخ النشر : 10/06/2016
  • 240
مصدر الفتوى :
اللقاء المفتوح
السؤال :

بالنسبة للبس الأسود للنساء هل به أفضلية أم باقي الألوان؟

الإجابة

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ; ليس في لبس السواد أفضلية، يعني بحسب علمي لم يأتي دليل في مسألة لبس السواد إنما جاءت الأدلة في لبس بعض الثياب مثل البياض، وجاءت أدلة أيضاً أن من فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه لبس حلةً حمراء، وكذلك طاف ببردٍ أخضر، وكذلك أحاديث أخرى. وجاء ذكر السواد في بعض الأخبار، أما أنه من الأفضلية فليس به أفضلية،  إنما هو من سائر المباح، لأن الأصل في اللباس الإباحة، إنما أثنى النبي على بعض أنواع اللباس منها في ((ألبسوا من ثيابكم البياض))(1) حديث ابن عباس وحديث سمرة بن الجندب(2)، فالمرأة تلبس ما شاءت إلا ما كان فيه مخالفة من جهة عدم ستر الملابس، أو من جهة سترها لكن على وجه الزينة التي تصلب الأبصار إليها، أو كان ساتراً لكنه يحدد بدنها وأعضائها، لم يكن ضافيا، فهذه كلها محاذير تحذرها المرأة، بل قال بعض أهل العلم إن  الذي يحدد يكره في حق الرجل أيضاً، لكن في حق المرأة أشد كراهيةً لأن عورتها أشد من عورة الرجل. وليس للبس السواد أيضاً خاصية في أي شيء، لا في الإحرام ولا في الإحداد ولا في الصلاة، ولا غير ذلك، بل تلبس ما شاءت من اللباس الذي يخصها، وكذلك لو لبست ألوان يلبسها الرجال، تلبس المرأة الأخضر ويلبس الرجل الأخضر، تلبس المرأة الأحمر ويلبس الرجل الأحمر، تلبس المرأة الأصفر ويلبس الرجل الأصفر ما لم يكن معصفرا أو مزعفراً يعني ما لم يكن يصبغ صفرته هذه أثر عصفر أو مزعفر على خلاف في هذين النوعين، فالأصل هو حل الثياب للرجل والمرأة، إلا في الثياب الخاصة للمرأة والثياب الخاصة للرجل، فإنه يُنهى عن تشبه الرجل بالمرأة والمرأة بالرجل. البياض الأصل في جواز لبسه للجميع، جواز لبسه للجميع هذا هو الأصل، إلا أن البياض الناصع الذي يكون ظاهراً ولا يستر شيء هذا صار مشتهراً ومعروفاً أنه من لباس الرجال وليس من لباس النساء، أما إذا كان مستوراً فهذا لا بأس به، أو إذا كان على هيئةٍ خاصة في أحوالٍ خاصة ثم لا يكون شبيهاً للباس الرجال، مثلما تلبس بعض النساء الثوب أبيض في أيام الزفاف لكن يكون عليه شيء من النقوش والتطريز ونحو ذلك الذي يوشى به ويخرج عن صفة لباس الرجال فهذا أمره أيسر. وأنبه إلى أنه ورد حديث عن النبي عليه الصلاة والسلام من حديث أم سلمة في مسألة الحجاب، وأنه لما نزلت آية الحجاب جاء في حديث عائشة –رضي الله عنها- أنها قالت:" يَرْحَمُ اللَّهُ نِسَاءَ المُهَاجِرَاتِ الأُوَلَ، لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النور: 31] شَقَّقْنَ مُرُوطَهُنَّ فَاخْتَمَرْنَ بِهَا " وهي عند البخاري(3) وجاء في حديث أم سلمة عند أبي داود بإسنادٍ جيد أنها قالت حينما نزلت آية الحجاب، قالت –رضي الله عنها- أنه بادر نساء الأنصار إلى مروطهن فلففنها على رؤوسهن فخرجن كأنهن الغربان،(4) غربان، فهذا قد يوحي بأن اللباس أسود، لذكر الغربان.وهذا محتمل، وعلى هذا كما تقدم تلبس ما شاءت، تلبس ما شاءت في خمار ونحو ذلك، لكن إذا كان أسود، والأسود لون ليس فيه أي فتنة ولا يصلب الأبصار، وفي حكمه الألوان الأخرى إذا كانت باهتة وليس فيها لمعان ولا بريق ونحو ذلك فكذلك، وحديث عائشة في صلاة الفجر وأن النساء لا يعرفن.وجاء في حديث عائشة أيضاً في صحيح مسلم أن النبي عليه الصلاة والسلام قال لها أنتِ السواد الذي أمامي،(5) لكن هذا فيه نظر، أن يقال معناه أنها ليست سواد، السواد يطلق على الشخص الذي يرى مثلاً مثل ما جاء في حديث حتى يواري سواد سوادك ونحو ذلك، لكن ليس هناك مثل ما تقدم دليل خاص على لبس الأسود، وكذلك أيضاً حتى في الإحداد، وإن اعتاد الكثير من النساء لبس الأسود، إذا كان على سبيل العادة فهذا لا بأس به وإلا فأي لباس تلبسه مما لا يلفت النظر إليها ولا يثير شراً ولا فتنة فلا بأس به.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1)حديث ابن عباس أخرجه أحمد1/247, , وأبو داود3878,في الطب: باب في الأمر بالكحل, والترمذي994, وابن ماجة1472 وعبد الرزاق6200 . (2)حديث سمرة بن جندب أخرجه أحمد 20105 , , والترمذي2810 , والنسائي 5322 .

(3)أخرجه البخاري (4758). (4)أخرجه أبو داود (4101). (5) أخرجه مسلم مختصرا (2815) ولفظه:" عن عُرْوَةَ ، أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَدَّثَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا لَيْلًا، قَالَتْ: فَغِرْتُ عَلَيْهِ، فَجَاءَ فَرَأَى مَا أَصْنَعُ، فَقَالَ: "مَا لَكِ؟ يَا عَائِشَةُ أَغِرْتِ؟ " فَقُلْتُ: وَمَا لِي لَا يَغَارُ مِثْلِي عَلَى مِثْلِكَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَقَدْ جَاءَكِ شَيْطَانُكِ" قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ أَوْ مَعِيَ شَيْطَانٌ؟ قَالَ: "نَعَمْ" قُلْتُ: وَمَعَ كُلِّ إِنْسَانٍ؟ قَالَ: "نَعَمْ" قُلْتُ: وَمَعَكَ؟ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: "نَعَمْ، وَلَكِنْ رَبِّي أَعَانَنِي عَلَيْهِ حَتَّى أَسْلَمَ" أما بلفظ" أنت السواد الذي رأيت" فأخرجه النسائي في المجتبى (3963) وفي الكبرى(8861) وأحمد (25855) ولفظه: عن مُحَمَّدَ بْنَ قَيْسٍ قال: سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ: أَلَا أُحَدِّثَكُمْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنِّي؟ قُلْنَا: بَلَى قَالَتْ: «لَمَّا كَانَتْ لَيْلَتِي انْقَلَبَ فَوَضَعَ نَعْلَيْهِ عِنْدَ رِجْلَيْهِ، وَوُضِعَ رِدَاءَهُ، وَبَسَطَ طَرَفَ إِزَارِهِ عَلَى فِرَاشِهِ، وَلَمْ يَلْبَثْ إِلَّا رَيْثَمَا ظَنَّ أَنِّي قَدْ رَقَدْتُ، ثُمَّ انْتَعَلَ رُوَيْدًا، وَأَخَذَ رِدَاءَهُ رُوَيْدًا، ثُمَّ فَتَحَ الْبَابَ رُوَيْدًا، فَخَرَجَ وَأَجَافَهُ رُوَيْدًا، وَجَعَلْتُ دِرْعِي فِي رَأْسِي، وَاخْتَمَرْتُ وَتَقَنَّعْتُ إِزَارِي، وَانْطَلَقْتُ فِي أَثَرِهِ حَتَّى جَاءَ الْبَقِيعَ، فَرَفَعَ يَدَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَأَطَالَ الْقِيَامَ، ثُمَّ انْحَرَفَ وَانْحَرَفْتُ، فَأَسْرَعَ فَأَسْرَعْتُ، فَهَرْوَلَ فَهَرْوَلْتُ، وَأَحْضَرَ وَأَحْضَرْتُ، وَسَبَقْتُهُ، فَدَخَلْتُ فَلَيْسَ إِلَّا أَنِ اضْطَجَعْتُ، فَدَخَلَ» فَقَالَ: «مَا لَكِ يَا عَائِشُ رَابِيَةً؟» قَالَ سُلَيْمَانُ: حَسِبْتُهُ قَالَ: «حَشْيَا» قُلْتُ: لَا شَيْءَ قَالَ: «لَتُخْبِرِنِّي، أَوْ لَيُخْبِرَنِّي اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ فَأَخْبَرْتُهُ الْخَبَرَ قَالَ: «أَنْتِ السَّوَادُ الَّذِي رَأَيْتُ أَمَامِي» قُلْتُ: نَعَمْ قَالَتْ: «فَلَهَدَنِي لَهْدَةً فِي صَدْرِي أَوْجَعَنِي» قَالَ: أَظَنَنْتِ أَنْ يَحِيفَ اللهُ عَلَيْكِ وَرَسُولُهُ قَالَتْ: «مَهْمَا يَكْتُمُ النَّاسُ فَقَدْ عَلِمَهُ اللهُ» قَالَ: «نَعَمْ، فَإِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي حِينَ رَأَيْتِ وَلَمْ يَكُنْ يَدْخُلُ عَلَيْكِ، وَقَدْ وَضَعْتِ ثِيَابَكِ فَنَادَانِي، وَأَخْفَى مِنْكِ وَأَجَبْتُهُ فَأَخْفَيْتُهُ مِنْكِ، وَظَنَنْتُ أَنْ قَدْ رَقَدْتِ فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَكِ، وَخَشِيتُ أَنْ تَسْتَوْحِشِي فَأَمَرَنِي أَنْ آتِيَ أَهْلَ الْبَقِيعِ فَأَسْتَغْفِرَ لَهُمْ»


التعليقات