ما حكم الاحتفال بإنشاء مركز، في كل عام يمر على افتتاحه؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد ;
ما هذا المركز الذي يريد أن يحتفل، هل هو مركز من المراكز الخيرية؟ هل هو مركز تجاري؟ يختلف، لأن العمال بالنيات والأمور، بمقاصدها، فإن كان هذا الاحتفال، احتفال على وجه العبادة، واعتياد يوم معين بالاحتفال به، فهذا لا أصل له، والاحتفال على هذا الوجه نوعاً من العيد المنهي عنه، خاصة إذا كانت هذه المراكز، مراكز شرعية، فيدخلها باب التعبد، على هذا الوجه من التخصيص، ويكون بدعة، وإن كان مركز من المراكز الخيرية، أو مركز تجاري، ويحتفل لا يقصد بذلك التعبد، ولا يقصد أن الاحتفال بهذا اليوم تعظيم لهذا اليوم، أو نوى نيته من باب الحث على التبرع لهذه المراكز الخيرية، مثل إنسان عنده جمعية خيرية، لإعانة المساكين والأيتام والمحتاجين.
فهو يحتفل كل سنة، لأجل التعريف لهذه الجمعية، لأجل إظهارها وإشهارها، وبيان عمل هذه الجمعية، فيحث التجار ويحث أهل الخير على التبرع، وفي الغالب أنه لا يقصد يوم معين، لكن لو قصد وقت معين، لأنه الأيسر لمن يحضرون إلى هذا المكان، فهذا في الحقيقة من باب حث الناس على عمل الخير وجمع المال، والنبي عليه الصلاة والسلام، حث الصحابة رضي الله عنهم على الصدقة، وخطب الناس، لما قدم أهل اليمن، فلما تصدقوا استنار وجه النبي عليه الصلاة والسلام، كأنه فلقة قمر،(1) فحث الناس على الدعم للمشاريع الخيرية أمر مشروع، كون يجعله في السنة مرة، أو في السنة مرتين، هذا أمر لا بأس به، والأعمال بالنيات، ولهذا لا يبالي، لو انه تهيأ له ذلك في أي وقت، أو ربما رأي، من أهل الخير إقبال، وأراد أن يحي هذا الاجتماع، مرة أخرى في هذه السنة، لأجل التبرعات، فهذه على المقاصد والنيات، فالتعامل تارة يكون بدعة، وتارة يكون أمراً مشروعاً مطلوباً ، مثلاً في باب المعاملات أحياناً، الإنسان يخرج المال فيكون، من أفضل أعمال الخير والبر، وأحياناً يخرجه أويعطيه لغيره ويطلب بدله ويكون من باب الربا، فالأعمال بالنيات.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) عَنِ جَرِيرٍ ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي صَدْرِ النَّهَارِ. قَالَ: فَجَاءَهُ قَوْمٌ حُفَاةٌ عُرَاةٌ مُجْتَابِي النِّمَارِ أَوِ الْعَبَاءِ. مُتَقَلِّدِي السُّيُوفِ. عَامَّتُهُمْ مِنْ مُضَرَ. بَلْ كُلُّهُمْ مِنْ مُضَرَ. فَتَمَعَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِمَا رَأَىٰ بِهِمْ مِنَ الْفَاقَةِ. فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ. فَأَمَرَ بِلاَلاً فَأَذَّنَ وَأَقَامَ. فَصَلَّى ثُمَّ خَطَبَ فَقَالَ: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} إِلَىٰ آخِرِ الآيَةِ. {إِنَّ الله كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} وَالآيَةَ الَّتِي فِي الْحَشْرِ: {اتَّقُوا الله وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا الله} تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِنْ دِينَارِهِ، مِنْ دِرْهَمِهِ، مِنْ ثَوْبِهِ، مِنْ صَاعِ بُرِّهِ، مِنْ صَاعِ تَمْرِهِ (حَتَّىٰ قَالَ) وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ» قَالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ بِصُرَّةٍ كَادَتْ كَفُّهُ تَعْجِزُ عَنْهَا. بَلْ قَدْ عَجزَتْ. قَالَ: ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاسُ. حَتَّىٰ رَأَيْتُ كَوْمَيْنِ مِنْ طَعَامٍ وَثِيَابٍ. حَتَّىٰ رَأَيْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَتَهَلَّلُ. كَأَنَّهُ مُذْهَبَةٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - : «مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلاَمِ سُنَّةً حَسَنَةً، فَلَهُ أَجْرُهَا، وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ. مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ. وَمَنْ سَنَّ فِي الإِسْلاَمِ سُنَّةً سَيِّئَةً، كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ. مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ. أخرجه مسلم في كتاب الزكاة حديث ( 1017).