الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد ; الأصل أن صلة الرحم واجبة، لكن منها ما هو مستحب وهم الأباعد، ومنها ما هو واجب، والأباعد لا يقطعهم، لكن كونه بينهم صلة وتواصل هذا حسن، سواء برسالة أو بالاتصال المباشر، والأقارب يختلفون؛ منهم الأصول والفروع فهؤلاء أقرب الناس إليك، ثم الحواشي مراتب؛ ولهذا قال عليه الصلاة والسلام في الحديث: «ثم الأقرب فالأقرب»⁽¹⁾، وعند أبي داود: «أدناك أدناك»⁽²⁾، اختلف العلماء هل هي لكل الأقارب كما هو قول الجمهور، أو للرحم المحرم كما هو قول أبي حنيفة، والأظهر هو قول الجمهور لقوله عليه الصلاة والسلام: «ثم الأقرب فالأقرب»، ولفظ آخر: «ثم أدناك أدناك»، فيه دلالة على اختلاف الرتب لقوله: «ثم الأقرب فالأقرب».قال: أمك وأباك، أختك وأخاك، مولاك الذي يلي ذاك، حق واجب ورحم موصولة؛ جعل الجميع رحم موصولة، لكن المراتب مختلفة،  فليس صلة الوالدين مثل صلة الإخوان، وليس صلة الإخوان إخوانك مثل صلة أعمامك، وكذلك أعمامك ليست صلتهم مثل أبناء عمك، أبناء خالك، أبناء خالتك، أبناء عمتك، وهكذا، فالمقصود أنه يجتهد في الصلة، وهذا يختلف في الحقيقة من وقت إلى وقت، ربما كان التواصل بين بعض أقارب التواصل المباشر شاق، خاصة في هذه الأيام مع انشغال الناس في أمورهم، فربما يرتب بعض الناس كبعض الأقارب، ويجعلها اجتماعًا مكررًا سواء شهريًا أو نصف شهري، أو نصف سنوي، ونحو ذلك والتواصل يكون صلة الرحم بالقول الطيب، ويكون الصلة بالإعانة، ويكون الصلة بالنصيحة، والصلة نوعان: صلة الدين صلة الرحم، الصلة بالتواصل، الصلة بالسلام، والصلة بالنصيحة في الدين. ولهذا قد يكون من الصلة قطع بعض الناس، وهجره، وهذا عين الوصل، لمن كان هجره مصلحة له، هذا عين الصلة، حتى يكون أعون وأدعى لرجوعه إلى الحق وتركه الباطل، وهذا قد نبه عليه بعض أهل العلم كالقرطبي وغيره رحمة الله عليهم جميعًا.



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) عن بَهْزِ بن حكيم , عن أبيه عن جدِّه , قلتُ : يا رسولَ الله ! من أَبَرُّ ؟ قال : "أمّك". قلتُ : من أَبَرُّ ؟ قال : "أمّك". قلتُ : من أَبَرُّ ؟ قال : "أمّك". قلتُ : من أَبَرُّ ؟ قال : " أباك ثمَّ الأقربَ فالأقرب" ., أخرجه أحمد (19523) , وأبو داود رقم (5139) , والترمذي رقم (1897). (2) عن طارق بن عبد الله قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يد المعطي العليا وابدأ بمن تعول أمك وأباك وأختك وأخاك ثم أدناك أدناك". أخرجه النسائي في السنن الصغرى (2532) , والنسائي في السنن الكبرى(2321) وابن حبان في صحيحه (6562).