يقول السائل : شيخنا هل الذنب والإثم يتضاعف في الحرم كما يتضاعف الأجر والثواب؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
قال تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا﴾[غافر:40], فالسيئات لا تتضاعف وعدٌ من الله سبحانه وتعالى, يعني من جهة الكمية لكن تتضاعف من جهة الكيفية؛ لقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾[الحج:25], وفي حديث عن ابن مسعود روي مرفوعًا لكن الصواب أنه موقوف؛ ولهذا قال بعضهم: ورواه شعبة عن عبدالرحمن بن أبي كريمة السدي يرفعه، وغيره يجزم بوقفه يقول ابن مسعود: من هم بسيئةً في الحرم ولو بعدن أبين أذاقه الله من العذاب الأليم)(1) عدن أبين مكان بعيد, فالسيئة في الحرم أعظم من السيئة في خارج الحرم, فهي تتضاعف من جهة الكيفية, لا من جهة الكمية والعدد, أما الحسنات فحسنات الحرم عظيمة ومنها حسناتٌ مضاعفة وتضاعف جميع الحسنات، جاء في بعض الأخبار مضاعفة الصوم لا يثبت عند الترمذي, (2)
وجاء أيضًا:" أن حسنة الحرم بسبع مائة"(3).بحديثٍ ذكره ابن مفلح ولا يثبت, والصواب أن مضاعفة الحسنات جاءت في الصلاة, وان الصلاة في الحرم بمائة ألف صلاة, وهذا شامل للفرض والنفل, وسائر الحسنات الأخرى أعظم واجل وأفضل؛ لكن مضاعفتها بالعدد لم ينقل إلا في الصلاة كما تقدم أما غيرها فمن جهة أنها أعظم ومن جهة أنه في بلدٍ حرام والمسجد الحرام وفي هذا المكان المعظم, نسأله سبحانه وتعالى لي ولكم التوفيق والسداد والقبول والعلم النافع والصالح آمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (14093) ، ومسند البزار- البحر(5/390) وقال اببوصيري في اتحاف المهرة (5776): وَرَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ: ثَنَا يَزِيدُ بن هارون، أبنا شُعْبَةُ، عَنِ السُّدِّيِّ أَنَّهُ سَمِعَ مُرَّةَ يَقُولُ: أنه سمع عبد الله- قال لي شُعْبَةُ: وَرَفَعَهُ وَلَا أَرْفَعُهُ لَكَ.
(2)وقد ورد في حديث عند ابن ماجه بسند ضعيف "أن من صام رمضان[ ] بمكة وقام ما تيسر منه كتب له أجر مئة ألف رمضان[ ] "، وهذا إسناده ضعيف،
(3)قال الحاكم في المستدرك (1/ 460 - 461): حدثنا أبو علي الحافظ، ثنا محمد بن حفص الخثعمي، ثنا علي بن سعيد بن مسروق الكندي: ثنا عيسى بن سوادة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن زاذان قال: مرض ابن عباس مرضاً شديداً، فدعا ولده فجمعهم، فقال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "من حج من مكة ماشياً حتى يرجع إلى مكة كتب الله له بكل خطوة سبعمائة حسنة. كل حسنة مثل حسنات الحرم. قيل وما حسنات الحرم؟ قال: بكل حسنة مائة ألف حسنة".
وأخرجه ابن خزيمة "بلفظه رقم (2791). والبيهقي (10/ 78). والطبراني في الكبير (12606).
والبزار "بنحوه" كشف الأستار(1120). كلهم رووه من طريق عيسى بن سوادة. حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن زاذان، عن ابن عباس به مرفوعاً. وفي الإسناد عيسى بن سوادة بن الجعد النخعي كوفي سكن الري. قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عنه؟ فقال: هو منكر الحديث ضعيف.
روى عن إسماعيل بن أبي خالد، عن زاذان، عن ابن عباس، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- حديثاً منكراً -وهو الحديث الذي معنا- الجرح والتعديل (6/ 277).وقال المنذري في الترغيب: قال البخاري: منكر الحديث (2/ 166، 167) وقال ابن معين: كذاب رأيته. الميزان (3/ 312)، اللسان (4/ 396، 397).
قلت: الذي يظهر أن عيسى ضعيف جداً. فعليه يكون الحديث بهذا الِإسناد ضعيفاً جداً.