كثير جد من قال بمشروعية المولد النبوي ونريد الرد على هذه الشبهات.
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد ;
مولد النبي عليه الصلاة والسلام على المشهور في شهر ربيع في الثاني عشر، وهذا المولد جاء في كلام بعض أهل العلم ما يدل على مشروعيته، وهو الاحتفال بمولده عليه الصلاة والسلام ، فأقول إن مولده عليه الصلاة والسلام في هذا اليوم مما وقع فيه الخلاف، هل هو في الثاني عشر؟ لكن بلا إشكال إنه يوم الاثنين، ويكفي في رد بدعة الاحتفال هذه أن أول من قام بها وأحياها هم أخبث أعداء الإسلام، و لم يبدأها ويبتدعها إلا العبيديون المسمون زورًا بالفاطميين، وإلا فقد حقق أهل التاريخ أنه لا صلة لهم بفاطمة رضي الله عنها، بل هم منسوبون إلى بني عبيد بن القداح، وأنهم بحكم القوة والنفوذ ادعوا ذلك ودام حكمهم نحو من ثلاثة قرون حتى زال بحمد الله سبحانه وتعالى، وظهر في دولتهم من الشرك والفساد والفجور وظهور البدع والمنكرات، الشيء الذي سطره وبينه العلماء في تاريخ هذه الدول، وهي من أخبث الدول في تاريخ الإسلام، ولا زال شرها إلى اليوم مستطير، وقد ظهر في عهدهم من الكفر والضلال، بل قتلوا العلماء وقربوا اليهود والنصارى، ثم بعد ذلك تبعهم من تبعهم ممن قلدهم، وقد يقع في هذه البدعة من خفي عليه أمرها لكن عامة أهل العلم بل إجماع أهل العلم إلى القرن الرابع، لأن هذه الدولة خرجت في آخر القرن الرابع الهجري، وإلا منذ القرون الأولى في القرن الأول والثاني والثالث والرابع لا تعرف هذه البدعة، فهذه البدعة لا شك أنها منكرة، إذ لو كانت سنة خير لم يسبق إليها هؤلاء أعداء الدين، بل ربما يكون إحياؤها لأجل هدم الدين وحرب على الدين، فهذه قاعدة هؤلاء المبطلين أنهم يتخذون ذرائع ووسائل يلبسون بها على الناس، وأنهم يحبون النبي صلى الله عليه وسلم، كما يدعي ما يدعي من الرافضة وأمثالهم حب أهل البيت زورًا وبهتانًا، لأجل تمرير باطلهم وشرهم، ثم من أراد أن يحيي هذا يوم مولد النبي صلى الله عليه وسلم فليصنع ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم ، وحينما سئل عن صوم يوم الاثنين فقال عليه الصلاة والسلام:" ذاك يوم ولدت فيه" ، فالذي ثبت هو صوم هذا اليوم، ثم لو كان هذا اليوم يشرع فيه شيء لبين النبي عليه الصلاة والسلام حينما سألوه عن هذا اليوم، قال: «ذاك يوم ولدت فيه، وذاك يوم أنزل عليَّ فيه »(1). هذا الذي أخبر النبي عليه الصلاة والسلام، يوم ولد فيه ويوم أنزل عليَّ فيه، ثم هو يوم الاثنين وليس بيوم الثاني عشر، يوم الثاني عشر مختلف فيه، والذين يحيون هذا المولد يجعلونه يوم الثاني عشر، وافق يوم الاثنين أو لم يوافق ، فمن أراد أن يعمل بالسنة فأنه يكون في يوم الاثنين ويكون بصومه فحسب كما دل عليه الصلاة والسلام ولم يزد على ذلك شيء، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، ثم هذه العبادات التي تذكر لو كانت مشروعًة لكان تبينها من أهم المهمات، كيف وهم يقعون في هذا اليوم في الشرك والعياذ بالله، ويقع فيه من الفواحش والفساد ما هو معلوم من حال هؤلاء، ثم نقول كما قال بعض أهل العلم هذا اليوم الذي هو يوم ولادته هو يوم وفاته عليه الصلاة والسلام، فهل تحي يوم ولادته فتفرح كما تزعم، أو بالحزن لذلك اليوم الذي توفي فيه عليه الصلاة والسلام ، فليس الفرح فيه أولى من الحزن في هذا اليوم كما تقدم، ثم يوم وفاته متفق عليه وثابت أما يوم ولادته الثاني عشر هذا موضع خلاف، فمن يفرح في هذا اليوم و يدعي أنه يوم ولادته هو موضع خلاف، وكان الأولى أيضًا أن يكون يوم حزن على مقتضى قاعدة هذا المبتدع الذي يحيه على هذا الوجه، مع أنها كلها من البدع ولو كان خيرًا لسبق إليه النبي عليه الصلاة والسلام فلم يصنعه ولم يصنعه الصحابة،والله عز وجل يقول:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}(2) فالمنة ببعثته ونزول الوحي عليه الصلاة والسلام، والمنة بانتصار الدين وظهور الدين، وهذا هو الذي عليه أهل العلم في جميع المذاهب، وقد يكون هنالك أقوال لبعض أهل العلم ممن خفي عليه الأمر أو لبس عليه الأمر، لكن ليس على الوجه الذي يفعله من يفعله ممن يحيه على وجه فيه شرك وضلال، وكله بدعة وكله إحياء لسنة باطلة أحياها هؤلاء الذين يريدون في الحقيقية بذلك هدم الدين، لكن الله سبحانه وتعالى رد كيدهم في نحورهم وأزال دولتهم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " سُئِلَ عَنْ صَوْمِ الِاثْنَيْنِ " ، فَقَالَ : " فِيهِ وُلِدْتُ ، وَفِيهِ أُنْزِلَ عَلَيَّ " .أخرجه مسلم رقم (1985).
(2) سورة: الأنبياء ، الآية (107).