هل يجوز استثمار أموال الزكاة في افتتاح محل تجاري ونتاجه وربحه يوزع على الفقراء؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد ;
هذه مسألة بحثها أهل العلم في الوقت الحاضر لأن بعض المؤسسات الخيرية طلبت فتوى في هذا وأنه تؤخذ أموال الزكاة وتستثمر، تؤخذ زكوات أموال وتوضع في صناديق استثمارية وتُجعل في جهات، سواء كانت هذه الجهات تعمل عن طريق البنوك أو تعمل مثلًا عن طريق الشركات مع التحري في العمل وأن يكون وجهًا مباحًا، ومن أهل العلم من جوّز ذلك، لكن المعروف في كلام أهل العلم وجمهور أهل العلم المعاصرين المنع من ذلك، وعليه فتوى كثير من المجامع الفقهية والمسألة مبسوطة في كلام بعض الباحثين، لكن الذين منعوا أدلتهم واضحة: أن الزكاة حينما تجب في مال فهي كسائر الفروض الشرعية أنه يجب أداؤها،{وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ}(1) - {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ}(2)
والله عز وجل يقول: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ}(3) .وهذا المعنى أنه يجب أداؤها لأصحابها ولأهلها ولأن حاجتهم حاضرة وناجذة، فيجب أن يعطوا حقهم من الزكاة، واستثمارها تأخير لهذا الحق الواجب في هذا المال وهي الزكاة المفروضة، وإلا لزم عليه عدم وجوب إخراجها، وربما يفهم أن وجوب إخراجها على التراخي، ومتى يكون وجوبها على هذا الحال، لأن ربما يدخل في مشاريع فيتأخر، ثم هذا المال عرضة للخسارة، لا يمكن أن يضمن فهو عرضة للخسارة، ثم هو في الحقيقة تصرف في حق أهل الزكاة بغير توكيل منهم حينما تؤخذ الزكاة وتجعل في مشاريع استثمارية بقصد استثمارها فمن خول هذه الجهات أن يتصرف في هذه الأموال؟ المالك لها هم أصحابها، ولهذا قال بعض العلماء: إن الزكاة إذا حلت ولم يخرجها فإن الفقير شريك له، حتى قالوا: إن ما حصل من الربح وزيادة بعد ذلك في إخراج الزكاة فإن للفقراء أو أصحاب الزكوات الأخرى نسبة بقدر نصيبهم من الزكاة على تفصيل مذكور لأهل العلم، لكن الشاهد يبين شدة الأمر؛ فنقول: كيف يتصرف في هذا المال؟! وأصحابه هم أهل التصرف، ولا يتصرف إلا بإذن منهم، ولهذا؛ نقول: لو كان عندنا مال من أموال الزكوات ، وكان هذا المال مصروفاً إلى هذه الجهة وإلى هؤلاء الفقراء المعينين، وصاحب الزكاة قال: نستثمر هذا المال فأستأذن أصحاب المال الذين يجب أن أعطيهم الزكاة، فأقول لهم: هذا المال أريد أن استثمره لكم هل تأذنون في استثماره؟ وهم محدودون معروفون وأذنوا بذلك في هذه الحالة كأنه سلمه لهم، ثم هم دفعوه إلى جهة تستثمره لهم وهم أصحاب المال وأصحاب الحق، فلا بأس بهذا لأنهم وكلوه في مالهم، ومن أهل العلم من قال: إنه إذا أُخرج من هذه الزكاة وأعطي الفقير بقدر ضرورته فإنه يؤخذ باقي المال ويتصرف فيه، كل هذا أيضًا قول ضعيف، هو حقه والزكاة له ولا يجوز أن يقال نعطيك بقدر الضرورة ونأخذ الباقي نتصرف فيه! مثل إنسان يتصرف في مال إنسان سفيه أو صغير يكون المال ماله ونصيبه فيتصرف فيه على الوجه الأصلح ويعطيهم به بقدر النفقة، أما أن يكون على هذا الوجه المذكور فالأظهر هو عدم جوازه لما تقدم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)سور البقرة، الآية: 43 .
(2)سورة الأنعام، الآية: 141 .
(3)سورة التوبة، الآية 60