يسأل عن حكم نقل زكاة الفطر؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
زكاة الفطر الأولى أن تخرجها في مكانك، تابعة للبدن هذا هو الأكمل والأتم مثل زكاة المال، زكاة المال مثل زكاة البدن إذا كانت زكاة المال السنة أن تخرج في نفس البلد، في زكاة البدن كذلك تخرج في نفس المكان ونفس البلد هذا هو الأصل والقاعدة.لكن هل يجوز نقل الزكاة؟
الجمهور على أنها لا تنقل والصواب أنها عند الحاجة لا بأس أن تنقل سواء أن كانت زكاة مال أو زكاة بدن وثبت عن الصحابة رضي الله عنهم كما روى البخاري معلقًا ومعاذ بن جبل أنه قال لأهل اليمن: وأتوني بعرض خميس أو لبيس أهون لكم وخير لأصحاب محمد r.(1)
فالمعنى أنه لا بأس من نقلها كما نقل معاذ بن جبل وكما قال r في حديث بن عباس ومعاذ: "تؤخذ من أغنيائهم فترد إلى فقرائهم"(2)
وهنا العموم يظهر لفقراء المسلمين وفقراء المسلمين في كل بلد، وقيل: من أغنيائهم؛ من أغنياء البلد المأخوذ منهم وفقرائهم فقراء البلد المأخوذ منهم وهذا فيه نظر لأن الله عز وجل يقول: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ﴾[التوبة:60] الآية، فهي للفقراء لكن لابد أن يراعي في ذلك المعنى المراد من ذلك فكونه ينقلها من بلد فيه فقراء ومحتاجون إلى بلد آخر، لا هذا خلاف المعنى.
المعنى إذا كان في البلد الذي أنت فيه فيه فقراء لكن هناك فقراء أشد حاجة فيهم ضرورة، فنقلك في هذه الحالة المصلحة فيه أظهر، وتحصيل المعنى الوارد في الآية وفي السنة في الإيصال للفقراء أبلغ لأنهم أشد فقراً، والأموال لا أموال الزكوات ولا أموال الأوقاف ولا أموال الوصايا حينما ينص على نوع ممن يسروا فيه كل من نص عليه يريد بذلك من كان أشد حاجة، حينما يقال هذا المال للفقراء يجعله وقف، فلا شك أن من كان أشد حاجة فهو أولى إلا أن ينص لصاحب المال الموصي به الموقف له على فقراء البلد المعين أما نقلها على الوجه المذكور للحاجة فلا بأس، أو كون الإنسان مثلاً في مكة وأهله في الجزائر كما يقول أو في مصر أو في مكة وأنا في الرياض أو نحو ذلك من البلاد فأخرج عنهم لا بأس خاصة إذا كانوا أولاده الذين ينفق عليهم تبع له، وإن أرادوا أن يخرجوا هم أو أوصاهم أن يخرجوا يقولون: حسن حتى تظهر زكاتهم ويظهر هذا الشيء عنه أفضل، وإن أخرجها عنهم في بلده لأنه أيسر لهم وأيسر له فكل هذا ولله الحمد لا بأس.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) قال الحافظ البخاري رحمه الله تعالى: بَابُ العَرْضِ فِي الزَّكَاةِ وَقَالَ طَاوُسٌ: قَالَ مُعَاذٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِأَهْلِ اليَمَنِ: «ائْتُونِي بِعَرْضٍ ثِيَابٍ خَمِيصٍ - أَوْ لَبِيسٍ - فِي الصَّدَقَةِ مَكَانَ الشَّعِيرِ وَالذُّرَةِ أَهْوَنُ عَلَيْكُمْ وَخَيْرٌ لِأَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ». أخرجه يحيى بن آدم القرشي في « الخراج » تحقيق الشيخ أحمد شاكر رقم 525 ص(147)، وقال الحافظ ابن حجر في «الفتح» (3/398): هذا التعليق صحيح الإسناد إلى طاووس لكن طاووس لم يسمع من معاذ فهو منقطع، فلا يغتر بقول من قال ذكره البخاريُّ بالتعليق الجاز فهو صحيح عنده لأن ذلك لا يفيد إلا الصحة إلى من علق عنه، وأما باقي الإسناد فلا، إلا أنّ إيراده له في معرض الاحتجاج يقتضي قوته عنده وكأنه عضده عند الأحاديث التي ذكرها في الباب.قوله خميص: هو الثوب الذي طوله خمسة أذرع. النهاية (2/75( .قوله لبيس: أي ملبوس فعيل بمعنى مفعول. الفتح (3/398(.
(2) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا بَعَثَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ إِلَى الْيَمَنِ، قَالَ: " إِنَّكَ تَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ، فَادْعُهُمِ الَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوكَ لِذَلِكَ، فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإِنْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ، فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ فِي فُقَرَائِهِمْ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوكَ لِذَلِكَ، فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ، وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ، فَإِنَّهَا لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ حِجَابٌ " أخرجه البخاري (2448) ، ومسلم(19) (30) ،