يقول السائل : هل يجوز إخراج زكاة الفطر في مكان غير الموجود فيه حيث إنني أقيم وأعمل في نجران وأنا الآن في مكة ؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
نعم زكاة الفطر زكاةٍ البدن تابعة للبدن فإذا كان الإنسان مثلًا في مكة فليخرج زكاته في مكة، يخرج زكاته في البلد الذي هو فيه؛ ولهذا استحب العلماء إخراج زكاة المال في البلد الذي فيه المال هذا يكون أولى.لكن إذا كان الإنسان في بلد مثلًا هو في مكة، وأهله كما قال السائل مثلًا: في نجران أو خارج البلاد مثلًا وأراد أن يخرج عنهم زكاة الفطر نقول: لا بأس أهله تبعٌ له إن كانت المصلحة في إخراجها مثلًا في مكة، ويقول: إن أولادي ربما يشق عليهم إخراجها أو إذا كان الأمر بالعكس أراد أن يوكل أولاده أن يخرجوها؛ لأن إخراجها في بلده أكثر نفع فلا بأس.فالصحيح أن زكاة الفطر وزكاة المال يجوز نقلها عند الحاجة.كمان زكاة المال يجوز نقلها عند الحاجة لو كان الإنسان ماله مثلًا في مكة، وأراد أن يخرج زكاته في بلد آخر لوجود فقراء حاجتهم شديدة أو أن هناك فقراء من قرابته فلا بأس وقول النبي عليه الصلاة والسلام: « فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ فِي فُقَرَائِهِمْ،»(1)؛ يعني جنس الفقراء؛ يعني من أغنياء المسلمين إلى جنس الفقراء ليس المعنى من فقراء لفقراء البلد وهذا هو الأصل لآن النفوس تتشوف إلى زكاة المال الذي في البلد فإذا استوى الآمران يخرجها ببلده(رجحت مصلحة).
كما قال معاذ رضي الله عنه حينما قال : ائْتُونِي بِعَرْضٍ ثِيَابٍ خَمِيصٍ - أَوْ لَبِيسٍ أهون عليكم، وخيرٌ لأصحاب محمد –صلى الله عليه وسلم- فنقلها إلى المدينة –رضي الله عنه-(2) وهذا في عهد الصحابة –رضي الله عنهم-، وكذلك الحكم في زكاة الفطر نعم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا بَعَثَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ إِلَى الْيَمَنِ، قَالَ: " إِنَّكَ تَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ، فَادْعُهُمِ الَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوكَ لِذَلِكَ، فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإِنْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ، فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ فِي فُقَرَائِهِمْ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوكَ لِذَلِكَ، فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ، وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ، فَإِنَّهَا لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ حِجَابٌ "
أخرجه البخاري (2448) ، ومسلم(19) (30) ،
(2) قال الحافظ البخاري رحمه الله تعالى: بَابُ العَرْضِ فِي الزَّكَاةِ وَقَالَ طَاوُسٌ: قَالَ مُعَاذٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِأَهْلِ اليَمَنِ: «ائْتُونِي بِعَرْضٍ ثِيَابٍ خَمِيصٍ - أَوْ لَبِيسٍ - فِي الصَّدَقَةِ مَكَانَ الشَّعِيرِ وَالذُّرَةِ أَهْوَنُ عَلَيْكُمْ وَخَيْرٌ لِأَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ». أخرجه يحيى بن آدم القرشي في « الخراج » تحقيق الشيخ أحمد شاكر رقم 525 ص(147)،
وقال الحافظ ابن حجر في «الفتح» (3/398): هذا التعليق صحيح الإسناد إلى طاووس لكن طاووس لم يسمع من معاذ فهو منقطع، فلا يغتر بقول من قال ذكره البخاريُّ بالتعليق الجاز فهو صحيح عنده لأن ذلك لا يفيد إلا الصحة إلى من علق عنه، وأما باقي الإسناد فلا، إلا أنّ إيراده له في معرض الاحتجاج يقتضي قوته عنده وكأنه عضده عند الأحاديث التي ذكرها في الباب.
قوله خميص: هو الثوب الذي طوله خمسة أذرع. النهاية (2/75( .
قوله لبيس: أي ملبوس فعيل بمعنى مفعول. الفتح (3/398(