ما حكم صندوق التبرع؟ وإذا كانت شركة لجمع تبرعات ثم توزيعها على الفقراء فبعضهم يزعم أن هذا بدعة فما الحكم.
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد ;
جمع التبرعات ليست شركة إنما هي شركة خيرية تجتمع وتتشارك على الخير، فإذا كانت هذه شركة أو جمعية خيرية تجمع التبرعات وتأخذ من الصدقات، والزكوات أموال، وأطعمة، وملابس، وأدوية ونحو ذلك، وتوزع على الفقراء، فهذا أمر مشروع، ومن أفضل أبواب الخير، ومن أفضل أبواب النفع العام. والنبي عليه الصلاة والسلام سن ذلك كما في جرير في الحديث الصحيح(1)، وكذلك حديث أبي هريرة(2) حينما حث الناس عليه الصلاة والسلام على الصدقة « لما قدم أهل اليمن وهم عُراةٌ مُجتابي النِّمارِ إلى غير هذا من الحديث الطويل فرأى ما بهم عليه الصلاة والسلام من الحاجة فحث الناس وصعد المنبر وأمرهم بالصدقة » الحديث وفيه حتى قال جرير رضي الله عليه: « حتَّى رأيتُ كَومينِ من طَعامٍ وثيابٍ، حتَّى رأيتُ وجهَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ يتَهلَّلُ » هذا من أعظم من أبواب البر والخير، وليس ببدعة بل هو من السنة، يقول عليه الصلاة والسلام: « مَن سَنَّ في الإِسلام سُنَّة حَسَنَة »(3) حينما جاء ذلك الرجل، وجاء بصاع من طعام، ووضعه ثم تتابع الناس على ذلك، والحمد لله الجمعيات الخيرية هي على هذا الباب، وهو من أفضل أبواب الخير والبر، أساله سبحانه وتعالى لي ولكم علماً نافعاً، وعملا صالحاً، وصلى الله وبارك على نبينا محمد.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه مسلم (1020).
(2) أخرجه مسلم (2676).
(3) عن المنذر بن جرير، عن أبيه، قال: كنَّا عند رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في صدر النهار قال: فجاءه قومٌ حفاةٌ عراةٌ مُجتابي النِّمار أو العَباء، متقلِّدي السيوف، عامَّتهم من مُضر، بل كلُّهم من مُضر، فتمعرَّ وجه رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم لما رأى بهم من الفاقة، فدخل ثمَّ خرج فأمر بلالًا، فأذَّن وأقام فصلَّى، ثم خطب فقال: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ إلى آخر الآية إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء: 1] والآية التي في الحشر اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ [الحشر: 18]، تصدَّق رجل من ديناره، من درهمه، من ثوبه، من صاع بُرِّه، من صاع تمره - حتى قال - ولو بشقِّ تمرة. قال: فجاء رجلٌ من الأنصار بصُرَّة كادت كفُّه تعجِز عنها، بل قد عجزت، قال: ثم تتابع الناس حتَّى رأيت كومين من طعام وثياب، حتى رأيت وجه رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يتهلَّل، كأنَّه مذهبة، فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: من سنَّ في الإسلام سُنَّةً حسَنةً، فله أجرها، وأجر من عمِل بها بعده من غير أن يَنقُص من أجورهم شيء، ومن سنَّ في الإسلام سُنَّةً سيِّئةً، كان عليه وزرها، ووزر مَن عمِل بها من بعده من غير أن ينقُص من أوزارهم شيء".
أخرجه مسلم (1017) وانظر رقم (4836).