ما حكم أكل المخللات وهل تتخمر ثم تكون خلًا ؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد ;
المخللات الأصل فيها الحل, والخل قد يكون حلالًا وقد يكون حرامًا, فإذا جهل الأمر فإن الأصل الحل حتى يُعلَم أن هذا الخل خل خمرٍ, فهذه المخللات الأصل فيها الحل؛ وذلك لأنها مشتملة على مكونات مباحة, فيكون فيها مما يوضع من بعض الأطعمة وأيضًا يوضع فيها هذا الخل فالمكونات مباحة, فإذا لم يترتب علي اختلاطها تخمر فالأصل فيها السلامة, لكن لو عُلِمَ أن هذا الخلَ خلُ خمرٍ هل يجوز أو لا يجوز؟ هل يبني على مسألة تخليل الخمر؟الصحيح أنه لا يجوز تخليل الخمر لا فعلًا ولا قصدًا لحديث أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنِ الْخَمْرِ تُتَّخَذُ خَلاًّ فَقَالَ « لاَ ». عند مسلم،(1) وكذلك في حديثه عند أحمد وأبي داود عن أنس رضي الله عنه: (عن أبي طلحةَ أنه قال يا رسولَ اللهِ إني اشتريتُ خمرً لأيتامٍ في حِجري فقال أهرقِ الخمرَ واكسرِ الدَّناَّنَ) (2) فإذا نهاه عن تخيل خمرٍ لأيتام مع حاجتهم فإن تحريمها لغيرهم من باب أولى, ثبت هذا المعنى أيضًا من حديث أبي سعيد الخدري عند أحمد (في سؤاله أو أن رجل سأله عن خل خمرٍ لأيتام هل يتخذها خلٍ فنهاه عليه الصلاة والسلام), (3)
أما إذا تخللت بنفسها فهي جائزة, وقال النبي عليه الصلاة والسلام قال: (نِعْمَ الأُدُمُ الْخَلُّ نِعْمَ الأُدُمُ الْخَلُّ) في حديث عائشة(4) وحديث جابر في صحيح مسلم, أو (نعم الإدام الخل) (5) فلا بأس به هو طعامٌ طيب وهذا ثناءٌ عليه ومدحٌ للخل, أما إذا كان تخلل بالقصد أو بالفعل فبعض أهل العلم كالمالكية والأحناف يقولون: إنه لا بأس به, فمادام المسألة فيها هذا الخالف وأنت تجهل حالها فالأصل فيها الحل والأصل فيها السَلَم, وإن كان عُلِمَ أو غلب على الظن أنها خمرٌ اتُخِذَت خلًا وقُصِدَ تخليلها فيبنى على الخلاف المتقدم فإذا كانت موجودةً في الأسواق أو كان الذي عملها بناءً على هذا القول وإن كان فيه ضعفٌ فإنه قد يقال إن مع الحاجة إليها يجوز لأجل هذا الخلاف ومن ذلك أيضًا كما قال بعض أهل العلم: أن الخل التي تكون لكافرٍ فإنه تجوز, والمسألة موضع شبهة موضع نظر, فيعني التنزه عنها هو الأولى أما الجزم بالحل والتحريم موضع نظر الله أعلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه مسلم (1983).
(2) أخرجه أبو داود (3675) الترمذي (1339) هو في "مسند أحمد" (12189).
(3) أخرجه الترمذي (1263) وقال: حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ.
(4) أخرجه الدارمي في سننه (2093) والبزار- البحر الزخار-(53).
(5)أخرجه مسلم (2052).