السؤال: قالت لي طالبة في الدار من دور القرآن إن إحدى المُحاضِرات دكتورة قالت: لا يجوز للمعلمة أن تشرب من أي شيء تحضره الطالبات كالقهوة ونحو ذلك ، ولو كانت في لقاء معهن فهل هذا من الرِشوة؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
لا يخفى أنَّ ما يعطى من العامل له أقسام:
النوع الأول: منه ما تكون الهدية يُقصد بها الموظف مثلًا أو المدرس أو المدرسة من قبل الطالب أو موظف من قبل بينهم معاملة ونحو ذلك. فيقصده بذلك فهذه لا شك أن هذه محرمة وهي رشوة، ولا تجوز إذا كانت يعني صاحبت أمرًا يُرادُ تحصيله بسبب هذه الهدية فتكون رشوةً.
النوع الثاني: أن تكون الهدية للعامل ممن اعتاد أن يتهادى معه قبل ذلك. فهذا لا بأس أن تستمر بشرط أن لا تزيد أو أن تدل الدلائل والقرائن أنه تحولت نية المهدي إلى أمرٍ آخر، وهذا يتبين بالقرائن والحكم معلق للمعنى الذي نهي فيه عن الرشوة.
القسم الثالث: بين هذا وهذا محتمل لا يقصد به إعطاء العامل من مدرس أو مدرسة أو موظف ونحو ذلك إنما تكون ضيافةً عارضة لم يقصد بها العامل الذي يعمل. مثل ما تعمل الطالبات مناسبة اجتماع ونحو ذلك، ويكون هذا الاجتماع وهذه القهوة ونحو ذلك أو الطلاب للمدرس إنما هم يجتمعون، مرة مع المدرسة ونحو ذلك فدعوها فهذا ينظر. إن قصدوا دعوتها خصوصًا دون غيرها فهذا أشبه بالهدية التي ينهى العامل أن يأخذها، وإن كانت الدعوة لها ولغيرها ممن وافقهم على هذا الطعام ونحو ذلك، ولم يكن القصد من ذلك هذا المدرس أو هذا الموظف فلا يظهر فيه شيء؛ لأن الأعمال بالنيات؛ ولأن هذه هدية لم تكن قصدًا للمدرس ولا للمدرسة.
مثلًا: ما يكون أحيانًا في بعض إدارات الموظفون يجتمعون على الفطور في أول النهار، وربما مر بهم مدير العمل هنأوه، ودعوه وشارك فهذا لا بأس به فيما يظهر؛ لأنهم هم لم يقصدوا بهذا مدير العمل ولا مدير الدائرة إنما منهم حسن التعامل والخلق دعوة من يعني حضر أو مر بهم والمحظور في ذلك هو تخصيصه لهذا الشيء أو تدل القرائن على هذا، وإذا احتاط العامل من مدير أو مدرس أو نحو ذلك فامتنع فلا بأس في ذلك إلا إذا خشي أن يترتب على ذلك شيءٍ في النفوس، ويعلم أن هذه ليس لها أي أثر، وأن هذه الدعوة قائمة سواءٌ إن وجد أو لم يوجد أو لم تكن له فأراد أو أراد تطيب النفوس بمثل هذا، هذا لا بأس به.
ثم إذا علم أن الداعي إليها هو المحبة لا بأس، وينبغي أن يفرق بين أن يكون المقصود هو شخصه أو شخصها، وبين أن يكون الداعي إلى ذلك المحبة أو نحو ذلك لم يكن القصد بذلك شخص العامل بأمر من الأمور فإذا كان القصد من ذلك هو المحبة فينفصل ما يتعلق بأمور الدنيا ويكون من أمور الآخرة وهي المحبة، وإذا كانت أيضًا ارتقت لأجل المحبة في الله على هذا الوجه فلا يظهر أنها فيها شيء.