يقول السائل : ما حكم أكل اللحوم البرازيلية المكتوب عليها "مذبوح طبقاً للشريعة" ؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
مسألة اللحوم هذه مسألة شائكة ومشكلة حقيقة, منهم من يفتي بجواز أكل اللحوم مطلقاً ويقول قال تعالى:{الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ (5) {(1) والله تعالى أحل طعامهم لنا وهم مشركين فهذا مباح, وقال ابن عمر لا أعلم شركاً أعظم من أن تقول أن ربها عيسى(2).
ونزل القرآن وهم على هذا الوصف وأحل الله لنا ذبائحهم, ومن أهل العلم من قال لا يحل إذا علم أنها ذبحت على غير الطريقة التي أُمروا بها وأنها يجب أن تكون ذكاة كذكاة الإسلام, ومن أهل العلم من قال ينظر في القرائن والدلائل, وهذا هو الأحسن والأفضل, وإلا فجمهور العلماء والأئمة الأربعة يقولون: إذا علم أنها ذبحت وذكيت لغير الله فإنها لا تحل, فإذا لم تذبح على الطريقة التي يحصل بها الذكاة المشروعة وصعقت مثلاً أو خنقت أو مثل المشرط أو هذه الأشياء التي تجرح جرحاً فيسيل الدم وقد تموت وهي في الحقيقة منخنقة, وهذا ظهر في وقائع عدة وأيضاً في شواهد بعض أهل العلم ممن اطلع على كثير من ذبائح بعض بلاد النصارى, ومنهم من فرق أن بعضهم يذبح على الطريقة المشروعة المعروفة, وبعضهم يصعقون, وهذا واقع متحقق وجد من هذه اللحوم من رأسه معه ووجد أن بعضهم يذكر أنها ذبحت علي الطريقة الإسلامية, هذا ترويج ودعاية هذا استخفاف في الحقيقة, ويبين أنها ترويج مع أن المقصود هو أن يذبحوها على الطريق الشرعية أي يراق الدم, فالذي يذبح غير مسلم لكن أحل الله لنا ذبائحهم . فالمسألة كما قلت إشكال ويظهر في هذه الحالة أنه حلال, عندما نثبت أن هذه البلد تذبح على الطريقة الحلال . وهناك من هذه البلاد يظهر من ذبائحها أنها مصعوقة أو مخنوقة, وهذا واقع في الحقيقة؛ لأن كثيراً من هؤلاء لا يحرصون على خروج الدم لأنهم يعتقدون أن خروج الدم يخفف الوزن فيكدسونه, والعياذ بالله حتى يكبر حجمها ويثقل وزنها لأجل التجارة, هذا التلاعب بالناس وصحة الناس وخيانة, فإن كان هذا واقع فهذه مصيبة عظيمة ووجب الحذر, وربما يدخل بعض اللحوم في الخراب أو نتن يظهر فيحتاط . وهذا موضع شبهة فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه, لا نقول يلزمك الاجتناب, لا نجزم التحريم لكن نقول هو موضع شبهة إن استغنيت عن هذا فلا بأس, فقد يقول يشق عليَ شراء اللحوم المذبوحة في بلادنا وهذا مرتفع الثمن, أما هذا اللحم المستورد ثمنه منخفض وأيسر لي في هذه الحال ما لم يكن بين, وشبهة تنتفي الكراهة بوجود الحاجة, وإن استغنى عنه فيتركه حال الشبهة, وأكثر ما يكون حال الشبهة . بعض أهل العلم يقول تحل مطلقاً بشرط أن تزكى فالله سبحانه وتعالى أحلها وهم على الشرك, كما قال ابن عمر . فالمقصود إذا كانت ذبحت وزكيت فشرط حلها تزكيتها . يقول الله تعالى: }حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلاَمِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (3) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة المائدة الآية (5 ).
(2) وقال البخاري وقال ابن عمر لا أعلم شركا أعظم من أن تقول ربها عيسى. وقال أبو بكر الخلال الحنبلي حدثنا محمد بن هارون حدثنا إسحاق بن إبراهيم [ ح ] وأخبرني محمد بن علي حدثنا صالح بن أحمد أنهما سألا أبا عبد الله أحمد بن حنبل عن قول الله ) ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ( قال مشركات العرب الذين يعبدون الأصنام)انظرتلخيص الحبير في أحاديث الرافعي الكبير ، (3/174) وروى ابن أبي شيبة أيضا بسند لا بأس به عن شقيق قال تزوج حذيفة امرأة يهودية فكتب اليه عمر خل سبيلها فكتب إليه إن كانت حراما فعلت فكتب عمر إني لا أزعم أنها حرام لكن أخاف أن تكون مومسة. انظر التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (2/128).
(3) سورة المائدة الآية 3 .