السؤال: ما حكم تشقير الحواجب بالليزر مع أنه مع الوقت يسقط الشعر المتشقر لأن التشقير العادي بالصبغة يتحسس من وجهي وكذلك يسقط الحاجب ويلتهب؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
مسألة التشقير هذه مما جرى فيها الكلام بين الناس ومن أهل العلم من يمنعه ومن أهل العلم من يجيزه ومن أهل العلم من يفصل فيه فمن منعه ألحقه بالنمص وقال إن التي تشقر حواجبها تشبه النامصة وذلك إنها إما أن تصبغ جميع الشعر على وصف يشبه الجلد فمن يراها يظن أنها نامصة وإما أنها نتفت حواجبها أو حلقت حواجبها أو كذلك إذا كان على جهة التحديد بمعنى أنها تصبغ أعلى الحاجب وأسفل الحاجب وتترك الوسط فالذي يراها أيضًا يظن أنها نامصة وأنها قد نتفت أعلاه وأسفل منه وتركت بعضه أو كذلك لو أنها مثلاً شقرت جميع الحاجب ثم مرت عليه بقلم كحل ونحو ذلك فالذي يراها أيضًا يظن أنها نامصة فمن أهل العلم من قال إنه على هذا الوجه يشبه النامصة لمن يراها ومن أهل العلم من جوز ذلك وقالوا الأصلح الزينة للمرأة وجاءت أدلة خاصة في النهي عن النمص(1) والنمص له وصف خاص منقول في كتب اللغة على خلاف هل يشمل جميع الوجه أو هو خاص بالحواجب لكن في هذا الصورة خصوصًا لا يدخل في النمص لا من جهة حقيقة اللفظ وذلك أن الشعر باقٍ على حاله وغاية الأمر أنها صبغته بلون من الألوان والأصل حل الصبغ بأي لون من الألوان ما لم يكن هذه الصبغة صبغةً خاصةً عرفت بها مثلاً نساء تميزن بها وكان علامة للفجور ونحو ذلك فإذا كان خارجًا من هذه المحاذير فالنبي عليه الصلاة والسلام نهى عن الصبغ بالسواد(2) فمفهومه أنه لا بأس بذلك وأن هذا من باب الزينة وكونه يعني ربما يشتبه على المرأة حينما تراها فلا يلحق بالنامصة وخاصة أن كثير من أهل العلم يرى أن النمص خاصٌ بالنتف دون الحلق وإن كان من راعى المعنى فإنه يلحق الحلق بالنتف فالمقصود أن الأصل هو براءة الذمة وسلامة الذمة من تحريم شيءٍ إلا بدليل بين وإذا كان الأمر كذلك فعلى المسلمة أن تحتاط في مواطن الخلاف التي يكون الخلاف فيه هوة أو يكون فيه شبهة فمن اجتنبت مثل هذا الأمر احتياطًا فالاحتياط في مثل هذه المسائل مشروع وذلك أن من تركت التشقير على هذا الوجه فإنها غير آثمة بلا خلاف وإذا شقرت حواجبها فإنها تأثم على قول بعض أهل العلم خاصة في المسائل التي لا يقطع فيها وهذه من المسائل التي يكون الاحتياط فيها مشروعًا وهو الأخذ بالقول الذي يجمع كلا القولين أما الجزم بتحريم ذلك فليس هنالك دليلٌ بين لما تقدم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: «لَعَنَ اللهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ، وَالنَّامِصَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ، وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللهِ» أخرجه مسلم (2125).
(2)عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أُتِيَ بِأَبِي قُحَافَةَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَرَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ كَالثَّغَامَةِ بَيَاضًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «غَيِّرُوا هَذَا بِشَيْءٍ، وَاجْتَنِبُوا السَّوَادَ» أخرجه مسلم (2102).