يقول السائل : صف لنا حال الصحابة والسلف الصالح في شهر رمضان؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
تقدم معنا في الأخبار الصحيحة في الصحيحين، كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم، وكانوا معتكفين، كانوا صائمين، قائمين، هكذا كانت حالهم رضي الله عنهم، في جدهم، وإجتهادهم، ليس فقط في رمضان فكيف يكون حالهم في رمضان؟ يكون أبلغ، وأبلغ، وكانوا رضي الله عنهم إذا دخل رمضان، لهم حال أخرى، ويقول جابر رضي الله عنه: (لا يكن يوم فطرك ويوم صومك سواء، ليكن عليك وقار، وسكينه، ولا يكن يوم فطرك، ويوم صومك سواء)(1) في التهجد، في أعمال الخير، و يجتهد في الدعاء، واللهج إليه سبحانه وتعالى، من أعمال الخير ما تيسر، وفتح الله عليه، وإن تيسر له الإعتكاف، فالحمد لله فهو خير عظيم، وتقدم لنا أنه عليه الصلاة والسلام قال: "مَنْ كَانَ اعْتَكَفَ مَعِي فَلْيَعْتَكِفْ"(2). رواه البخاري، وذكروا عن أحوال السلف أشياء عظيمة، لكن نعلم أن خير الهدي؛ هدي محمد عليه الصلاة والسلام، ومما نذكره في هذا؛ أنه يروى عن أويس بن عامر القرني رحمه الله، ذكره عنه الشاطبي، في كتابه الاعتصام، أن رجلاً أتاه يريد أن يسأله، أو يتحدث معه، وأويس خير التابعين، كما قال عليه الصلاة والسلام(3)، وحيث قال: "يا عمر إذا رأيته فليستغفر لك فمره يستغفر لك حديث طويل في صحيح مسلم، وهو من قَرَن، وفيه أنه رضي الله عنه ورحمه، قال:( فجئته بعد صلاة الفجر، فقلت: لن أشغله يعني يذكر الله سبحانه حتى طلعت الشمس، وارتفعت، ثم قام ، ونصب قدميه يصلي حتى الزوال، ثم حضرت الظهر، فصلى الظهر، ثم جعل يصلي حتى حضرت العصر، ثم حضرت العصر، ثم جلس يذكر الله حتى غربت الشمس، ثم بعد المغرب، جعل يصلي حتى صلاة العشاء، ثم صلى العشاء، ثم يذكر الله قليلاً، ثم جعل يصلي حتى صلاة الفجر، ثم بعد صلاة الفجر أغفى إغفاءةً، وهو ينتظره، ثم أفاق، ثم قال : أعوذ بالله من بطنٍ لا تشبع، ومن عين نائمة)، وهذا مما أورده رحمه الله، وأراد أن يفسره، لأنه قال: وإن كان من اجتهاده، لكن هديه عليه الصلاة والسلام كان أيسر من هذا، وهو رحمه الله يخرج فعل ما نقل من فعل بعض السلف، على أنهم ربما أقبلت نفوسهم حتى وجدوا أنسهم بهذا الشيء، ولذتهم بهذا الشيء، فلا يجدون تعب، ولا عناء، ولا مشقة، فتقبل نفوسهم عليه مثل هذا، إذا وجد نشاط لأنه هو أنسه، وراحته فله ذلك، لكن هديه عليه الصلاة والسلام، هو الهدي المشروع، والهدي المطلوب فتشبهوا بهم إن لم تكونوا مثلهم، فإن التشبه بالصالحين صلاحاً، يتشبه الإنسان بهم، ويرجو أن يلحقهم الله بهم، وإن قصر عمله، وإن جعل يزحف، ولم يلحق بهم، كما قال أنس رضي الله عنه: (إني أحب أبا بكر ،والنبي عليه الصلاة والسلام ، وعمر، وإن لم أعمل بعملهم، فأرجو أن أكون معهم) (4) فأرجو الله أن يلحقنا بهم، وإن لم نعمل بأعمالهم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) لطائف المعارف: ابن رجب الحنبلي، 1/168.
(2) أخرجه البخاري رقم (2027)، ومسلم رقم (1168)،
(3) أخرجه مسلم (2544).
(4) عَنْ ثَابِتٍ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ؛أَنَّ رَجُلاً قَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، مَتَى السَّاعَةُ ؟ قَالَ : وَمَاذَا أَعْدَدْتَ لِلسَّاعَةِ ؟ قَالَ : لاَ ، إِلاَّ أَنِّي أُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ ، قَالَ : فَإِنَّكَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ.قَالَ أَنَسٌ : فَمَا فَرِحْنَا بِشَيْءٍ ، بَعْدَ الإِسْلاَمِ ، فَرَحَنَا بِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : إِنَّكَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ. قَالَ : فَأَنَا أُحِبُّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَأَبَا بَكْرٍ ، وَعُمَرَ ، وَأَنَا أَرْجُو أَنْ أَكُونَ مَعَهُمْ ، لِحُبِّي إِيَّاهُمْ ، وَإِنْ كُنْتُ لاَ أَعْمَلْ بِعَمَلِهِمْ.
أخرجه أحمد (13419 و13886) ، وعَبْد بن حُمَيْد (1296) ، مُسْلم (7520(.
وأصل الحديث في الصحيحين عن أنس رضي الله عنه مرفوعاً:"أنت مع من أحببت".
أخرجه البخاري (6170) ، ومسلم (2641).