يقول السائل : هل صلاة النافلة في الأجر كصلاة الفريضة في المسجد الحرام؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
مضاعفة النافلة كالفريضة يعني هذا تقدم الإشارة إليه والبحث فيه وأن صلاة النافلة كالفريضة لقوله عليه الصلاة والسلام (( صلاةٌ في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة))(1)عند أحمد وابن ماجه عن عبد الله بن الزبير ومن حديث جابر (2) وهو حديثٌ صحيح أنها بمائة ألف صلاة هذا هو ظاهر الخبر ولو قصرناه على الفريضة لكان أكثر الصلوات غير داخلة وكان الخارج من هذا الحديث أكثر من الداخل فيه لأنه قال (( صلاةٌ في المسجد الحرام)) وهذا يشعر بالعموم الإضافة هنا تشعر بالعموم والصلوات النوافل أكثر من الفرائض لا في سعة أوقاتها ولا فيما جاء في السنن فكونه تخرج الفرائض ويكون خاص بالفرائض هذا خلاف ظاهر الدليل.
ذهب بعض العلماء كأبي حنيفة ومالك قالوا: إن هذا خاصٌ بالفرائض واستدلوا بالحديث السابق الذي سبق الإشارة إليه وهو أنه عليه الصلاة والسلام قال (( صلاة المرء النافلة في بيته أفضل من صلاته في المسجد))(3) وجاء في حديث عند أبي داود (( أو ما ترى قرب بيتي في المسجد فلئن أصلي في بيتي أحب من أن أصلي في المسجد)) (4) وقالوا: إنه عليه الصلاة والسلام أخبر أن صلاة النافلة في البيت أفضل وجاءت الأخبار الأخرى فكونه نص على أن النافلة أفضل فخرجت النافلة لكن في الحقيقة هذا العموم يدل على أن المسجد الحرام يشمل الحرم كله في دخول صفة الحرم ويدل كما تقدم أن إتباع السنة أفضل من العمل المضاعف الذي يكون على خلاف السنة وإن كان جائزًا ولهذا تقدم تقرير بعض الأدلة في هذا الباب وأن السنة العمل وإن كان أقل فصلاتك في البيت أفضل من صلاتك يعني في المسجد وإن كان صلاة المسجد يعني أفضل من جهات أخرى وهذا قد يظهر في المدينة لأن الصلاة مضاعفة في مسجد المدينة كألف صلاة ولا يعم جميع الحرم في المدينة أما مكة فيعم جميع الحرم لأنه في مسجد المدينة قال (( صلاةٌ في مسجدي هذا)) أشار إليه والإشارة تقتضي الخصوص أما الحرم فأطلق صلاةٌ في مسجدي هذا فدل على خصوص المضاعفة في مسجده دون حرم المدينة ومع ذلك نقول: صلاتك في بيتك في المدينة أفضل من النافلة أفضل من الصلاة في المسجد والنبي عليه الصلاة والسلام كان يصلي النوافل في بيته إلا إذا كان في المسجد لأمرٍ من شئون أصحابه وهذا يقرر ما تقدم من القول الراجح أن الحرم عامٌ يشمل الحرم كله لأنه قال ((صلاةٌ في مسجدي هذا)) وأشار إلى مسجده والحرم قال ((صلاةٌ في المسجد الحرام)) وأطلق وإطلاقه يشعر بعموم الحرم لجميع المكان المحرم الحرام.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)عن أبي هـريرة رضـي الله عنـه قال قال رسـول الله صلى الله عليه وسلم : "صـلاة في مسجـدي هذا خير من ألـف صـلاة فيما سـواه إلاَّ المسجد الحرام". أخرجه البخاري في كتاب فضل الصلاة باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة رقم (1190) 1/367، ومسلم في كتاب الحج باب فضل الصلاة بمسجدي مكة والمدينة رقم (1394) 2/1012- 1013 ، ومن حديث ابن عمر رقم ( 1395 ) 2 / 1013 ، ومن حديث ابن عباس رقم ( 1396 ) 2 / 1014 .
(2) وعَنْ جَابِرٍ رضـي الله عنـه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَصَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ صَلَاةٍ "
أخرجه أحمد رقم ( 14694 ) 23 / 46، ورقم ( 15271 ) 23 / 414، وابن ماجه
في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها ، باب ما جاء في فضل الصلاة في المسجد الحرام رقم ( 1406 ) 1 / 451 ، وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه رقم ( 1406 ) 1 / 451.
(3)حديث " صلوا أيها الناس في بيوتكم، فإن أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة"
أخرجه البخاري (1 / 147)، ومسلم (1/256).
(4)أخرجه ابن ماجه (1378). وهو في صحيح ابن خزيمة (1136). وفي الأحاديث المختارة(388).