يقول السائل : ما حكم من يسيء للعلماء ويستدل بكلام شيخ هو الآخر يسيء للعلماء أيضاً؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
لايجوز للمسلم أن يسئ إلى نملة فما بالك بالإ ساءة إلى العلماء، لو أساء إلى نملة حرم عليه ذلك، لو أساء إلى حيوان إلى كلب لا يجوز الإساءة لكلب، فكيف يجوز ذلك؟! بل قال بعض العلماء رحمة الله عليهم لو أنه نادى الكلب أو الحيوان على صفة تحقيرٍ لم يجوز، ومما يحضرني الآن أن تقي الدين رحمه الله ينقل عنه ابنه تاج الدين، يقول: قال كنت في الدهليز في مدخل البيت، وكان أبي داخل البيت فمر كلب فقلت اخسئ يا كلب، قال إياك أن تناديه هكذا، يعني شيء من هذا المعني فقلت أليس هو كلب قال نعم ولكنك أخرجته مخرج الذم ولم تخرجه مخرج التعريف. والأعمال بالنيات فأقول إنه لا يجوز قتل حيوان، النملة والنحلة والهدد الشيء ليس هو مؤذي وهي نملة. وكذلك ما هو فوقه من الحيوانات فكيف إذاً أذية أهل العلم؟، ثم أيضاً تتدرج أذية عموم الناس قال الله عز وجل: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا) ([1]) فالأذية محرمة لعموم المسلمين، ومعلوم الأدلة في هذا الباب وأمر الغيبة وما أشبه ذلك. فكيف إذا كانت هذه الأذية لأهل العلم؟! هذا أمر متفق عليه، إنه لا يجوز وإنه حرام. بل نص العلماء في كلام تقي الدين وقبله الغزالي أن غيبة أهل العلم أشد تحريماً من غيبة غيرهم، وغيبة أهل الطاعة والتقوى أشد من غيبة غيرهم، حتى قال بعض أهل العلم في أثر الحسن"اذكروا الفاسق بما فيه حتى يحذر الناس" (2)، هذا له معنى صحيح حينما يكون القصد هو التحذير من فسق وفجور، إذا خشي أن يغتر به وإلا فالأصل لا يجوز غيبة المسلمين عموماً، فأقول إن الواجب هو الحذر، ثم أقول من أشد ذلك وأقبحه إذا أخرج القدح في العالم وذم العالم مخرج التدين، مخرج الدين هذه مصيبة مخرج الأمر بالمعروف، مخرج النهي عن المنكر، مخرج الدعوة إلى الله، هذه من أعظم المصائب والبلايا التي أوقعت الفرقة بين أهل الإسلام. وهذه من الأمور التي تكلم فيها أهل العلم وبينوها، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجمع كلمة المسلمين على الخير والهدى والصلاح.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
([1]) سورة الأحزاب : الآية (58).
(2)عن معاوية بن حيدة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( أَتَرعُونَ عَنْ ذِكْرِ الْفَاجِرِ ! اذْكُرُوهُ بِمَا فِيهِ كَي يَعْرِفَهُ النَّاسُ وَيَحْذَرَهُ النَّاسُ ( رواه ابن أبي الدنيا في " الغيبة " (رقم/84)، والعقيلي في " الضعفاء " (1/202)، وابن حبان في " المجروحين " (1/220)، والطبراني في " المعجم الكبير " (19/418) ، وابن عديّ في " الكامل " (2/173)، والبيهقي في " السنن الكبرى " (10/210) وغيرهم كثير :جميعهم من طريق أبي الضحاك الجارود بن يزيد ، عن بهز بن حكيم ، عن أبيه ، عن جده ، به . وهذا إسناد ضعيف جداً بسبب الجارود بن يزيد : جاء في ترجمته في " ميزان الاعتدال " (2/108) كذبه أبو أسامة ، وضعفه علي ، وقال يحيى : ليس بشيء . وقال أبو داود : غير ثقة . وقال النسائي والدارقطني : متروك . وقال أبو حاتم : كذاب " انتهى. قال الإمام أحمد رحمه الله : هذا حديث منكر " انتهى
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ليس هو من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولكنه مأثور عن الحسن البصري أنه قال : أترغبون عن ذكر الفاجر ، اذكروه بما فيه يحذره الناس" مجموع الفتاوى (28/219( .