• تاريخ النشر : 01/06/2016
  • 247
مصدر الفتوى :
اللقاء المفتوح
السؤال :

يقول السائل : والدي توفي رحمه الله، ونحن ولله الحمد لدينا القدرة الكافية ولا نحتاج لأحد ولكن جاء أعمامي بمال ورددناه، فما حكم هذا الفعل ؟

الإجابة

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد ;  يحسن بالإنسان أن يطيب خاطر من له حق عليه، من أعمامه وأخواله، خاصة وإن كانوا يعلمون أنهم مستغنون، وأنهم ليسوا بحاجة، لكن من بابا الهدية، ومن باب الأنس ومن باب البر والصلة، فهذا طيب، وأبر البر، صلة الرجل ، أهل ود أبيه،(1) ولا شك أن أعمامك، هم من أكرم الناس إلى أبيك، وأن برك بأعمامك، براً بأبيك، وأعمامك يحبون أن تبرهم بقبول هديتهم، وصلتهم، لأن قبول الهدية خاصة من القريب نوعاً من الصلة، ونوع من تطيب النفس، وأيضاً فيه زيادة تأكيد المودة، والتواصل، والتراحم، وزيادة التقدير، هذه الأمور مقصودة شرعاً، وهم يعلمون ذلك، لكن إن كان يعطونكم يظنون أنكم محتاجون، وأنكم فقراء، ما في مانع في هذه الحالة، تبين ذلك، الإنسان ربما حينما يأخذ العطية على وجه الحاجة، لا شك أن أخذه لها ليس كأخذه لها وهو على غير وجه الحاجة، بمعني أنه يجد من الانكسار من أنها تكون على وجه الصدقة، ولكن هي من أهل أبيك كما ذكرت وأعمامك يعلمون ذلك، و يهادون، وكما كانوا يهادون أباك في الحياة ، أو لو لم يكن يتهادون، ولكن هذا يبقي  لبر لأولاد أخيهم، فالنبي عليه الصلاة والسلام في حديث الترمذي قال: ( تهادوا تحابوا ) (2) والنبي عليه الصلاة والسلام كان يقبل الهدية،(3). وهو رسول الله عليه الصلاة والسلام، يقبل الهدية ويهدي عليها، فقبولك للهدية لما تقدم، من هذه المعاني، خاصة من أعمامك، أمراً حسن، إلا إذا كنت تعلم أنها لا يؤثر عليهم، وأنه ربما أعطوا من باب المجاملة، فالأمر لكم فيه الخيار، والنبي صلي الله عليه وسلم قال ( ماآتاك الله منه من غير مسألة ولا إشراف فخذه وتموله ) (4) وإذا كان هذا في بيت مال المسلمين، فالمال الذي في حكمه ممن يأتيك من قرابتك، على هذا الوجه.



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " إِنَّ أَبَرَّ الْبِرِّ أَنْ يَصِلَ الرَّجُلُ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ بَعْدَ أَنْ يُوَلِّيَ الأَبُ " . أخرجه مسلم (2554). (2) أخرجه مالك في الموطأ (2/908) رقم (1617) عن عطاء بن أبي مسلم عبد الله الخراساني قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  تصافحوا يذهب الغل وتهادوا تحابوا وتذهب الشحناء. هكذا مرسلاً، وأخرجه البيهقى (6/169) ، رقم (11726) و البخارى فى الأدب المفرد (1/208 )، رقم (594) ، وأبو يعلى (11/9 ، رقم 6148). والقضاعي في مسند الشهاب (1/381) (657) وابن عساكر (61/225) عن أبي هريرة، وحسنه الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام رقم (277). (3) أخرج البخاري في صحيحه (2585) عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية ويثيب عليها. (4) عَنِ ابْنِ السَّعْدِيِّ أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مِنَ الشَّامِ ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَلِي أَعْمَالا مِنْ أَعْمَالِ الْمُسْلِمِينَ ، فَتُعْطَى عُمَالَتَكَ ، فَلا تَقْبَلُ ؟ فَقُلْتُ : أَجَلْ ، إِنَّ لِي أَفْرَاسًا , أَوْ لِي أَعْبُدً وَأَنَا بِخَيْرٍ ، وَأُرِيدُ أَنْ يَكُونَ عَمَلِي صَدَقَةً عَلَى الْمُسْلِمِينَ ، فَقَالَ عُمَرُ : فَلا تَفْعَلْ ، فَإِنِّي قَدْ أَرَدْتُ مِثْلَ الَّذِي أَرَدْتَ ، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُعْطِينِي الْعَطَاءَ ، فَأَقُولُ : أَعْطِهِ مَنْ هُوَ أَحْوَجُ مِنِّي ، وَإِنَّهُ أَعْطَانِي مَرَّةً مَالا ، فَقُلْتُ : أَعْطِهِ مَنْ هُوَ أَحْوَجُ إِلَيْهِ مِنِّي ، فَقَالَ : " يَا عُمَرُ مَا أَتَاكَ اللَّهُ بِهِ مِنْ هَذَا الْمَالِ عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ وَلا إِشْرَافِ نَفْسٍ , فَخُذْهُ ، فَتَمَوَّلْهُ وَتَصَدَّقْ بِهِ ، وَمَا لا , فَلا تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ " . أخرجه البخاري (7161). و مسلم (1046).


التعليقات