ما الحكم في رجل يكلم امرأة أجنبية عنه على الجوال ويقول بقصد الزواج ؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد ;
كلام الرجل مع المرأة الأجنبية جائز بشروط،الله تعالى يقول:{وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ}(1).
هذا في أزواج النبي عليه الصلاة والسلام، أن يكونوا من وراء حجاب، وأخبر أنه أطهر لقلوب الصحابة رضي الله عنهم ولقلوب أزواج النبي عليه الصلاة والسلام، فغيرهم من سائر الناس من غير الصحابة وغيرهن من سائر النساء من باب أولى أن يكون على هذا الشرط، وقال سبحانه وتعالى: {فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ }(2).
وهذا عام. كان الصحابة يسألون نساء النبي عليه الصلاة والسلام، وكان النساء يأتين ويسألن النبي عليه الصلاة والسلام، والنبي عليه الصلاة والسلام خاطبهن وحدثهن، وكن يسألنه عليه الصلاة والسلام، كما في حديث أبي سعيد وحديث أبي هريرة، فالمرأة لا بأس أن تتكلم بحاجتها في البيع والشراء بالشروط الشرعية فإذا كان هناك حاجة لا بأس، وكذلك كلام الرجل مع المرأة لأجل الزواج، إن كان توجه للزواج بها وقد ناسبته وناسبها وتوجهوا في أمر الزواج في هذه الحالة يكون الكلام بينهم بالطرق المشروعة، أما التوسع في الكلام معها بحكم أنه راغب الزواج منها، فهو يتصل بها ويرسل إليها الرسائل التي فيها كلمات الحب والعشق، فهذا لا يجوز فيما يظهر لما يترتب عليه من الفساد والشر وقد وقعت قضايا مؤلمة ترتب عليها شر كثير حينما تساهلت المرأة وتساهل الرجل وتساهل أهل الرجل وأهل المرأة، ثم ندموا في وقت لا ينفع الندم، وقد يحصل بينهما اجتماع ويحصل بينهم خلوة ويحصل ما يحصل فهذا منكر عظيم، فالكلام يكون بقدر الحاجة، فإذا احتاج أن يسألها فالأولى أن يكون بحضرة أهلها، وأن يكون أمرًا واضحًا أو أن يكون بواسطة أهله من والدته أو أخواته ونحوهم، وكذلك هي من باب الحماية والصيانة وتعظيم هذا الأمر، ولذا المرأة حينما تريد أن تخرج من بيتها للصلاة هناك شروط، فالمكالمات الخاصة من باب أولى أن يكون التشديد فيها أكثر؛ صيانة للمرأة وصيانة للرجل وصيانة لهذا البيت، ويكون أتم وأكمل للمحبة والمودة؛ لأن الرجل حينما يتكلم مع المرأة والمرأة تتكلم مع الرجل قبل الزواج، فإنه في الحقيقة يفرغ عاطفته، وهي تفرغ عاطفتها، يعني يذهب شيء من الحب والمودة على وجه ليس مشروع، ويكون له أثره في ضعف المحبة والمودة،لكن حينما يفطم نفسه وتفطم نفسها وتبقي مشاعرها وما يقع في قلبها من الحب لله عز وجل، وتتركه لأجل أنه أمر محذور وتجعله بعد ذلك حينما تحل له ويحل لها، فإنها تفيض بالحب ومشاعر الود وكذلك هو يفيض بالحب ومشاعر الود، وهذا يظهر والله أعلم حينما يكون الإنسان ميله إلى البدعة، حينما يميل إلى البدع ويتعبد بأنواع من العبادات البدعية فإنه يضعف عن باب السنة، لكن حينما يفطم نفسه عن البدع ويسد أبواب البدع فإنه يقبل على السنة ويحب السنة ويتمسك بها لماذا؟ لأنك حينما تشغل قلبك بشيء فإنه قد لا يتسع لذاك الشيء الآخر، مثل الإنسان الذي يتغدى بطعام فإنه يضعف عن التغذي بغيره، بل الذي يألف الطعام الخبيث يكره الطعام الطيب، ولذا ترى أناس من الكفرة الذين يتغذون على أنواع من الخبائث ولحم الخنزير يأنفون من الأطعمة الطيبة لما وقع في نفوسهم من الخبث، كذلك النفوس حينما تألف الأقوال الخبيثة تنفر من الأقوال الطيبة، كذلك حينما تقبل على هذا الأمر الذي لا يكون على وجه مباح يضعف بعد ذلك ما يكون بينهم من حب، إنما كما قال عليه الصلاة والسلام «لم ير للمتحابين مثل الزواج أو مثل النكاح» (3).رواه ابن ماجه بسند جيد. نعم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة: الأحزاب ، الآية (53).
(2) سورة: الأحزاب ، الآية (32).
(3) أخرجه ابن ماجه ( 1847) والحاكم ( 2 / 160 ) والبيهقي ( 7 / 78) وقال الحاكم : " صحيح على شرط مسلم ،لفظ ابن ماجة "لم ير للمتحابين مثل النكاح" وأخرجه البيهقي بلفظ: "ما رأيت للمتحابين مثل النكاح" والحديث روي مرسلاً وموصولاً, واعتمد الشيخ الألباني الرواية الموصولة انظر السلسلة الصحيحة للألباني حديث ( 624).