مصدر الفتوى :
فتاوى برنامج يستفتونك - قناة الرسالة
السؤال :

يا شيخ (أم نايف) تقول بأنها أم لأطفال ، ووالدتها كبيرة في السن ومريضة. تقول: بأني أزورها أنا وأطفالي لكن وجود أطفالي معي يزعجها كثيرًا ويضايقها؛ لذلك قالت لابنتها توقفي عن زيارتي ويكفي الاتصال بالهاتف.تقول: فيما لو اكتفيت بالاتصال عليها هاتفيًا واطمأننت عليها هل أكون بارةً بها؟

الإجابة

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ; ما دام أنَّ والدتها عذرتها بذلك وأنها تتأذى، وهي تقول: لا أستطع أن أترك أطفالي وحدهم تخشى عليهم فلا شك أن الأمر دائر بين بِرّ والدتها وبين إحسانها بل بين حفاظها على أولادها وإحسانها لوالدتها في تحصيل مصلحة، وتركها لأولادها فيه مفسدة، وقاعدة الشريعة: (إن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح). (1) فنقول: لا تتركي أولادك خاصةً الأطفال وحدهم إذا كان يترتب عليه مفسدة؛ لأن هذا فيه تحصيل مصلحة بإحسان ثم هذه المصلحة صاحبتها هي والدتها قد تنازلت عنها وأنتِ أيضًا لم تعقيها ولم تقطعيها إنما كذا لهذا الأمر العارض ثم له بدل وهو الاتصال وهي ترضى بذلك فهذا يُحصِّل إن شاء الله البر والصلة ثم نقول: أنت ِكأنكِ تزورينها، وكأنكِ تجلسين معها، وكأنكِ تتحدثين معها.الإنسان لو منعه من عمل الخير أمر مباح وبأمر مشروع يكتب له الأجر التام، يقول النبي عليه الصلاة والسلام: «إذا مرض العبد وسافر»(2) يعني لو سافر سفر نزهة ليس سفر مثلًا حج أو جهاد أو طلب لا لو سافر في نزهة مثلًا «إذا مرض العبد أو سافر كتب الله ما كان يعلم مقيمًا صحيحًا». لو أنتِ مثلًا سافرتي بأي سفر من الأسفار العادية المباحة، وكانت لكِ عادة أن تزور أمك كل يوم، وان تدعي لها ثم بعد ذلك هذا السفر قطعكِ عن زيارة أمك يكتب لكِ في حال سفرك كل يوم هذه الزيارة كسائر الأعمال الأخرى.فكيف إذا كان المانع لكِ عن الزيارة هو أمر من أمور الدين، أمر من أمور الخير.يقول عليه الصلاة والسلام: «لقد هممت أن أأمر بالصلاة فتقام ثم أنطلق معي برجالٍ وحزم حطب إلى قومٍ لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم»(3) إلى الحديث والنبي همَّ –عليه الصلاة والسلام- أن يأمر رجل يصلي بالناس، والذي جعله يدعو إلى ذلك هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومع ذلك لو فعل هذا فهو يكتب له أجره -عليه الصلاة والسلام- كأنما صلى؛ لأن الذي دعاه إلى الترك هذا هو أمرٌ آخر في تحصيل مصلحة أو دفع مفسدة.وأدلة هذه القاعدة أو هذه المسألة وأجناسها كثير جداً فنسأل الله أن يوفقها وعموم إخواننا مسلمين ليكون الخير لنا. آمين .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1)مقاصد الشريعة الاسلامية -الطاهر بن عاشور:ًص:278 (2)أخرجه البخاري (2996) ،  (3)أخرجه البخاري (657)، ومسلم (651) (252).


التعليقات