مصدر الفتوى :
فتاوى برنامج يستفتونك - قناة الرسالة
السؤال :

أختنا ميسون من العراق هي يا شيخ شابة ومعاقة تقول: بأن والدتها تدعو عليها كثيرًا وأنها كما تقول لا تحب الفتاة المعاقة، وأنها تدعو عليها، وأنها قالت لها: ادعوا علي كما تريدين وذهبت وتركتها.تقول: هل هي آثمة؟ وما توجيهكم لها؟

الإجابة

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ; لا ليست آثمة نقول: هذا في الحقيقة من الغريب كيف الوالدة تدعوا عليها وهي معاقة؟يعني البنت المعاقة أو الابن المعاق رحمة لأهل البيت وخير، وفيه بركة وسعة في الحقيقة ، كم من بيوت حلت بها السعادة والخير، وربما بعضهم كان كاره، وأنا وأنت وإخواننا يعرفون قصص من هذا الجنس ممن حلَّت عليهم البركة، وحلَّ عليهم الخير حينما أيقنوا إن هذه رحمة، وأن هذا خير والله -سبحانه وتعالى- لا يبتلي عباده لتركهم ولا يتلفهم بل يبتليهم ليطهرهم، ليزكيهم، ليرفع درجاتهم، ليكرم توبتهم سبحانه وتعالى، وحينما يبتلى الإنسان في أولاده من ابن أو بنت وخاصةً البنت، وتربيتها في خيرٌ عظيم. يقول النبي عليه الصلاة والسلام: «من ابتلى من هذه البنات بشيءٍ فأحسن إليهنَّ كنَّ له سِترًا من النار»(1) متفقٌ عليه، وفي الصحيحين من حديث عائشة أن النبي عليه الصلاة والسلام في قصة طويلة لكن آخرها قال:«إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَوْجَبَ لَهَا بِهَا الْجَنَّةَ، وَأَعْتَقَهَا بِهَا مِنَ النَّارِ»(2). ولاحظ كلمة (أحسن) بصيغة أفعل الدالة ليس مجرد أنها تطعمها أو أنه يطعمها، ويسقها يقصدا الإحسان. الإحسان بالقول، الإحسان بالفعل التلطف التحمل ما يكون منها. وقد عهد أن البنت يحصل منها مثلًا مع ولديها أمها وأبيها من القرب والأنس بهم ما يجعل الوالد والوالدة يقربون وخاصةً إذا كانت معاقة فهذا أمر عظيم، والعبد قد تكون له المنزلة كما في الحديث عند أبي داود «لا يبلغها بعمل فيبتليه الله في ماله أو أهله أو ولده حتى يبلِّغه إياها»(3)، وفي الحديث الصحيح عند الترمذي «إذا أحب الله قومٌ ابتلاهم فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط»(4)، وفي الحديث الآخر يقول عليه الصلاة والسلام:«يودُّ أهلُ العافية إذا رأوا أهل البلاء يعطون أُجورهم أن جلودهم كانت تقرض بالمقاريض»(5), فأقول لهذه الوالدة عليها أن تحسن إليها، وعليها أن تعاود نفسها، وعليها أن تعلم أنَّ سر سعادتها، وسر الخير إن شاء الله في إحسانها لابنته.ثم أقول لابنتها لا ندري نحن نرجو إن شاء الله أن يكون الواقع على غير ما ذكرتي، وقد يكون مثلًا يعرض بعض الأمور بحكم إنها معاقة فيحصل منها بعض التصرفات، وقد تأنف أمها من هذا الشيء لكن عليها أن تحسن، وعليها أن تتحمل مهما كان ثم أقول كما قال عليه الصلاة والسلام: «لا تدعوا على أنفسكم، ولا على أولادكم وأن توافقوا من الله ساعة إجابة فيستجيب لكم»(6) لكن الدعاء الذي فيه ظلم وتعدي هذا لا يكون أثره على من دعا، وأقول لهذه البنت عليها أن تحسن لأمها مهما جرى، وتدعوا لها في صلاتها، تدعوا لها في خلوتها في الحال التي تكون تخلوا بنفسها وتسأل الله عز وجل، نسأل الله تعالى أن يهدي والدتها وأن يجمع شملهما بمنِّه وكرمه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) أخرجه البخاري (5995) ، ومسلم (2629) (147). (2) أخرجه مسلم (2630) ، (3) أخرجه أبو داود (3090) ، (4) عن أنس بن مالك عند الترمذي (2559)، وابن ماجه (4031). (5) أخرجه ابن أبي شيبة  في المصنف (35601) من كلام ابن مسعود، وهو في بحر الفوائد للكلابذي مرفوعاً (1/383). (6)أخرجه مسلم (3009).


التعليقات