هل يجوز عمل حساب سكايب الذي هو برنامج الاتصال مع العلم أن أبي لا يوافق وأنا أريد أن أعمله للحفظ عبر الانترنت؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
الدخول في مثل هذا الحسابات ونحوها في الانترنت فيها مخاطر عظيمة، وعلى الإنسان أن يحتاط مهما كان دينه ومهما كان علمه، ويكون استعماله له بقدر الضرورة أو بقدر الحاجة، بحيث لا يكون يتوسع في استعمال الشبكة والدخول فيها. وقد تختلف الحاجات قد تكون من الحاجات المباحة، وقد تكون من الحاجات الضرورية، وقد تكون في شأنٍ من شؤون العلم، فلا شك أن هذه أحوال تختلف ولها تفاصيل، وكلام أهل العلم على هذه القواعد وهذه المعاني مبسوط في هذه المسألة وفي غيرها، لكن ما يتعلق بهذه الحسابات وما فيها من المخاطر والمصائب وما أشبه ذلك أمرٌ ظاهر ، وربما يخدع كثيرٌ مِن مَن يدخل فيها خاصة من الفتيان والفتيات.لكن الرجل الذي يدخل بطمأنينة ويكون قصده استعمال هذه الشبكة وهذه الحسابات على وجهٍ فيه مصلحة أو في أمرٍ مباح مع انضباطه بالضوابط الشرعية، هذا لا بأس به، وإذا كان يستخدمه لطلب العلم فيتأكد ذلك ويكون عملاً حسناً، وعلى هذا إذا منعه والده فإن في هذا تفسيراً، فإن كان يستعمله لطلب العلم ولم يتيسر له طلب العلم في بعض المسائل التي عبر هذه الشبكة، سواءً كان هذا الحساب أو بعض الأعمال الأخرى التي يستفيد بها طالب العلم عبر هذه الشبكة؛ لأن مقصود والده هو سد باب الشر الذي يدخل عليه عبر هذه الشبكة شبكات الإنترنت، فإذا كان يطلب العلم وهنالك مسائل ومتون وشروحات لا يتيسر له إلا عبر الشبكة، فهو كما لو ذهب يطلب العلم على غيره من أهل العلم، يعني إن لم يتيسر له طلبه إلا من هذه الشبكة أو احتاج مثلاً لبحثٍ ونحو ذلك ولا يحصل للوالد أن يمنع ابنه من طلب العلم، ولو منعه فلا طاعة له في ذلك.
وأهل العلم يقولون تجب طاعتهما فيما فيه منفعةٌ لهما ولا ضرر عليه فيه، لابد أن يكون فيه منفعةٌ لهما، أما إذا كان منعهما له تعسفاً وليس فيه مصلحة، ولا ضرر عليه هو في ذلك من هذا الشيء فإنهما لا يمنعانه منه، لما يترتب عليه من مصالح، وفي هذا تفصيل كثير إلا في مسائل خاصة، تكون مصلحة ظاهرة ربما يطيعهما في بعض المسائل، في بعض الصور، وإن فات عليه بعض المصالح. ثم إن الحصيف النبيه يمكن أن يرضي والده أو والدته ويبين السبب الذي يدعوه إلى الدخول في هذا البرنامج ونحوه، وأن قصده بذلك هو الفائدة والعلم، ومن اتقى الله وقصد بذلك رضاه، فإن الله سبحانه وتعالى يعطف عليه قلوب خلقه، هذا إذا كان من أبعد الناس، فما كان أو من كان من أقرب الناس كوالده ووالدته من باب أولى، ومن التمس رضا الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس، وهذا روي مرفوعاً عن معاوية وجاء موقوفا عن عائشة عند ابن حبان وهو أصح،(1) وهذا معنى صحيح لمن قصد بذلك رضاه سبحانه وتعالى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)الحديث في "صحيح ابن حبان" 1/ 435 برقم (276). وأخرجه القضاعى في مسند الشهاب 1/ 300 برقم (499) وبرقم (500) وأخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء" 8/ 188
وأخرجه الترمذي في الزهد (2416) باب: من التمس رضاء الله بسخط الناس كفاه الله مؤنة الناس، من طريق سويد بن نصر، أخبرنا عبد الله بن المبارك، عن عبد الوهاب بن الورد، عن رجل من أهل المدينة قال: كتب معاوية إلى عائشة أم المؤمنين ... فكتبت عائشة ... أما بعد فإني سمعت رسول الله. وهذا إسناد ضعيف فيه جهالة.
وأخرجه أحمد في الزهد ص (164) من طريق أبي داود، حدثنا شعبة، عن واقد ابن محمد بن زيد، عن ابن أبي مليكة، عن القاسم، عن عائشة موقوفاً عليها، وإسناده صحيح.
وقال الترمذي بعد تخريجه الحديث السابق: "حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا محمد بن يوسف، عن سفيان الثوري، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أنها كتبت إلى معاوية، فذكر الحديث بمعناه ولم يرفعه".