ما حكم تشغيل المسجل لسورة البقرة بدلًا من قرأتها؟, وما حكم تشغيله أيامًا متتالية بدون إغلاق؟
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابهم ومن تبعه وسار على نهجهم بإحسان إلى يوم الدين.
قراءة القرآن واستماعه من أجل القربات, وقد جاءت الأدلة في فضل استماع القرآن وأفضل من ذلك قرأته والتدبر كما قال سبحانه:{كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ}([1]). ثم وردت أدلة خاصة في بعض السور، وأن قرأتها فيها فضل وبركة، وقد صح عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه حث على قرأة سورة البقرة, وقد أخبر صلى الله عليه وسلم أن « الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة»(2) رواه مسلم من حديث أبى هريرة، وقال صلى الله عليه وسلم: «أقرءوا البقرة وآل عمران فأنهما تأتيان يوم القيامة تحاجان عن صاحبهما كأنهما غيايتان أو غيابتان, أو غيامتان أو ظلتان من طير صواف, تحاجان عن صاحبها يوم القيامة، اقرءوا البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة,ولا تستطيعها البطلة »(3) وجاءت أخبار خاصة في بعض الآيات كآية الكرسي(4) والآيتين من آخر سورة البقرة،(5) وهذا الفضل والله أعلم في قرأتها لقوله: «اقرءوا البقرة وآل عمران»، وقال: «إن الشيطان ينفر» على اللفظ المشهور وقيل: «يفر» والمعنى واحد, ولكن ينفر أبلغ؛ لأن الفرار قد يعود بعد ذلك، فالشيطان يفر ويهرب من سماع الأذان ويعود بعد ذلك, لكن ينفر يدل على أنه يحصل له مضايقة وتأذي فلا يعود؛ لأنه ينفر كما ينفر الإنسان من الشيء، مما يجعله لا يعود ولا يألف هذا المكان، فينفر أبلغ من يفر, وهي رواية الأكثر
وتقدم أن هذا الفضل والشرف يحصل بقراءتها، ولأن الشيطان يفر ويهرب وخاصة إذا كان يتلوه الإنسان فأثره يكون أبلغ وأعظم, فإن لم يتيسر ذلك لكون الذي يريد أن يعمل بهذا الفضل لا يحسن القراءة أو نحو ذلك، فلا بأس أن تشغل مسجل وتسمع سورة البقرة, أما مع عدم سماعها يعني تشتغل في البيت دون إنصات لها كما يفعل كثير من الناس يجعل الراديو على إذاعة القرآن أو مسجل فيحصل خير وبركة, لكن لا يكون مثل يستمع وينصت للسورة, فتحصل أن المراتب أن لقرأتها ثلاث مراتب،
المرتبة الأولى: قرأتها من المكلف بنفسه,
المرتبة الثانية سماعها من غير أن تُقرأ من المصحف,
المرتبة الثالثة: كونه يسمعها من آلة تسجيل, وأعلاها المرتبة الأولى وهي قراءتها أن يقرأها بنفسه, أن يقرأ سورة البقرة بنفسه.
الحالة الثانية أن يسمعها لأنه عليه الصلاة والسلام أخبر بقراءة سورة البقرة قال: «إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة»كما تقدم. والمراد به صاحب البيت وأهله ومن يقرأها ومن يسمعها فإنه يحصل الفضل الوارد، وهذا إذا لم يتيسر المرتبة الأولى وهي قرأتها من المكلف بنفسه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
([1]) سورة ص الآية (29).
(2) أخرجه مسلم رقم (782).
(3) أخرجه مسلم رقم (807).
(4) جاء في صحيح البخاري معلقا (2311) عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال :إذا أويتَ إلى فراشِكَ فاقرأ آيةَ الكرسي ، فإنه لن يزالَ معكَ من اللّه تعالى حافظ ، ولا يقربَك شيطانٌ حتى تُصْبِحَ . فقال النبيّ صلى اللّه عليه وسلم صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ ، ذَاكَ شَيطانٌ .
(5) عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :(مَن قَرَأَ بِالآيَتَينِ مِن آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ فِي لَيلَةٍ كَفَتَاهُ) أخرجه البخاري (5009) ومسلم (2714).