ما حكم بناء واستخدام المراحيض المكشوفة، التي يبول الإنسان فيها قائماً، وتكون عادة في المطارات والحمامات العامة ؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد ;
هذا في الحقيقة، بدع الكفار، زيادة على كفرهم، وهو جعل محلات قضاء الحاجة، مكشوفة، وهذا يفعله في الحقيقة من لا حياء له، ولا دين له ، ولا يستنكر، خاصة في المطارات وبعض الأماكن العامة، مكشوفة، يأتي الإنسان ويكشف سوءته، هؤلاء الناس أبغض حالا من البهائم ، البهائم تستر في الغالب وتختفي، وأيضاً تزيل أذاها، كذلك في الأنعام من هم أضل، هذه حالة في الحقيقة منكرة، لا تقبل، من غير المسلم، فالمسلم حينما يري الطهارة والنقاء خاصة في باب الطهارة، يري عجب العجاب، والنبي عليه الصلاة والسلام عندما كان يذهب إلى حاجة أبعد المذهب(1)، وثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة أنه قال: حتى تواري عني، في ظلام الليل(2)، وفي حديث عبد الله ابن جعفر، عند مسلم عنه رضي الله عنه، أنه عليه الصلاة والسلام إذا أحب أستتر بهدف أو حائش نخل(3)، إنما في أحوال خاصة، كما قال حذيفة رضي الله عنه أنه بال عند سباطة قوم،(4) هذه فيها أحوال خاصة، لكن الأصل، كما تقدم هو أنه يشرع الاستتار، أما المحلات المكشوفة في الأماكن العامة، هذه لا شك خلاف هدي عليه السلام ، أما لو كان إنسان في مكان ليس مكشوفاً وليس محلا لعيون الناس، وكان قريبا واحتاج أن يبول في هذا المكان، وخاصة في الأماكن التي تكون قريبة من محلات الأذى، كما في حديث حذيفة المتقدم "سباطة قوم"، هذا لا بأس به، وهذا ليس مكانا خاصاً، لكن الشاهد أنه يصنع مكان خاص لقضاء الحاجة، ولكن الشيء العارض حينا يمر به الإنسان، فهذا لا بأس، لو أن لإنسان مر بهذه المحلات المكشوفة، واضطر إلى قضاء حاجته ولم يجد غير المكان جاز له ذلك، الضرورة لها أحاكمها، إنما القصد هو جعل هذه المحلات على هذا الوجه، فينبغي للمسلم أن يستتر، كما تقدم من خبر النبي صلى الله عليه وسلم .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)عن المغيرة بن شعبة قال:كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذهب إلى الحاجة أبعد. أخرجه الدارمي في سننه (1/177)حديث رقم ( 660)، والبيهقي في سننه الكبرى (1/93) حديث رقم ( 448)، والطبراني في المعجم الكبير(20/437) رقم (1065).
(2)عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه قَالَ : كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ذَاتَ لَيْلَةٍ فِي سَفَرٍ ، فَقَالَ : " أَمَعَكَ مَاءٌ ؟ " قُلْتُ : نَعَمْ ، فَنَزَلَ عَنْ رَاحِلَتِهِ فَمَشَى حَتَّى تَوَارَى عَنِّي فِي سَوَادِ اللَّيْلِ ، ثُمَّ جَاءَ فَأَفْرَغْتُ عَلَيْهِ مِنْ مَاءٍ فِي الأَدَاوَةِ ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ وَوَجْهَهُ ، وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ مِنْ صُوفٍ ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُخْرِجَ ذِرَاعَيْهِ مِنْهَا حَتَّى أَخْرَجَهُمَا مِنْ أَسْفَلِ الْجُبَّةِ ، وَغَسَلَ ذِرَاعَيْهِ ، وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ ، فَأَهْوَيْتُ لأَنْزِعَ خُفَّيْهِ ، فَقَالَ : " دَعْهُمَا فَإِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ " ، فَمَسَحَ عَلَيْهِمَا .
أخرجه البخاري (5799) ومسلم (2774).
(3) أخرجه مسلم (342).
(4) أخرجه البخاري برقم (224)، و مسلم برقم (273). من حديث حذيفة رضي الله عنه.