يقول السائل : هل يجوز البسملة بالوضوء داخل بيت الخلاء؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
البسملة على الصحيح ليست واجبة وهل تشرع أو لا تشرع، الأحاديث الصحيحة لم يذكر فيها، حديث عثمان(1) وعبد الله بن زيد(2) وعلي بن أبي طالب(3) وعبد الله بن عمرو(4) والربيع بنت معوذ(5) وكذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه(6)، وأحاديث كثيرة وكلها صحيحة، إلا حديث الربيع لا بأس بسنده، وحديث عبد الله بن عمر كذلك، ولم ينقل في حديثٍ منها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسمي الله عند الوضوء إلا في حديث أبي هريرة، عند الترمذي وأحمد وطرقه ضعيفة، ومن سمى فلا بأس، ففي الحمام فإن كان الحمام هذا موضع الاستحمام وهو نظيف لا بأس، وإن كان الحمام الخلاء موضع النجاسة فهو منهي على ذكر الله عز وجل في مواضع النجاسات، هل يجوز أو لا يجوز؟، ذهب بعض العلم أنه يجوز ذكر الله وإجابة المؤذن في الخلاء لعموم الأدلة في هذا، ويذكر الله" وأنه كان يذكر الله على كل أحيانه"(7)، ومنهم من فرق بين الموضع المعد للخلاء كبيت الخلاء واستدلوا أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يضع خاتمه، وكان لا يرد السلام على من سلم عليه، فكذلك أيضا الذكر
وفرق بين موضع الخلاء وبين موضع الصحراء الذي لا يعد، والأقرب والله أعلم أنه لا فرق بين موضع الخلاء ولا بين الموضع الذي ليس خلاء لكن اتخذ خلاءً، مثل إنسان في صحراء يذهب يقضي حاجته تحت شجرة لأنه عليه الصلاة والسلام لم يرد السلام، مع أن رد السلام واجب، وكذلك في حديث مهاجر بن قنفذ لم يرد السلام وقال: "إذا رأيتني في مثل هذه الحال فإني لا أرد عليك"(8)، إذا كان رد السلام واجب ورد بعد ذلك فالذكر مستحب، فمن باب أولى أنه لا يشرع في هذا المكان لكن عليه بالذكر القلبي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) عن حُمرانَ بن أبان مولى عثمان بن عفان، قال: أيتُ عثمانَ بنَ عفَّان توضَّأ فأفرَغَ على يَدَيه ثلاثاً فَغَسَلَهما، ثمَّ تَمضمَضَ واستَنثَرَ، وغسلَ وجهَهُ ثلاثاً، وغسلَ يَدَهُ اليُمنى إلى المِرفَقِ ثلاثاً، ثمَّ اليُسرى مثلَ ذلك، ثمَّ مسحَ رأسَه، ثمَّ غسلَ قَدمَه اليمنى ثلاثاً ثم اليسرى مِثل ذلك، ثم قال: رأيت رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - توضَّأ مثلَ وضوئي هذا، ثم قال: "مَن تَوضَّأ مِثلَ وضوئي هذا ثمَّ صلَّى رَكعتَين لا يُحدِّثُ فيهما نفسَه، غفرَ الله ما تَقَدَّمَ من ذَنبِه" أخرجه البخاري (159)، ومسلم (226)،
(2)أن عبد الله ابن زيد دعا بوَضوءٍ، فأفرَغَ على يَدَيهِ فغسلَ يَدَيه، ثمَّ تَمضمَضَ واستَنثَرَ ثلاثاً، ثمَّ غسلَ وجهَهُ ثلاثاً، ثمَّ غسلَ يَدَيهِ مرَّتين مرَّتين إلى المِرفَقَين، ثمَّ مسحَ رأسَه بيَدَيهِ فأقبَلَ بهما وأدبَرَ: بدأ بمُقدَّمِ رأسِهِ ثمَّ ذهبَ بهما إلى قَفَاهُ ثمَّ رَدَّهما حتَّى رجعَ إلى المكانِ الذي بدأ منه ثمَّ غسلَ رِجلَيهِ". أخرجه البخاري (185)، ومسلم (235)،
(3) عن عليّ رضي الله عنه أنه أُتِيَ بإناءٍ فيه ماءٌ وطَسْتٍ فأفرَغ من الإناءِ على يمينهِ فغسلَ يَدَيهِ ثلاثاً، ثمَّ تَمضمَضَ واستَنثَرَ ثلاثاً، فمَضمَضَ ونَثَر مِن الكَفِّ الذي يأخُذُ فيه، ثمَّ غسلَ وجهَه ثلاثاً، وغسلَ يَدَهُ اليُمنى ثلاثاً، وغسلَ يَدَهُ الشمال ثلاثاً، ثمَّ جعلَ يَدَهُ في الإناءِ فمسحَ برأسِهِ مرَّةً واحدةً، ثمَّ غسلَ رِجلَه اليُمنى ثلاثاً، ورِجلَه الشِّمالَ ثلاثاً، ثم قال: مَن سَرَّه أن يَعلَمَ وضوءَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فهو هذا.
أخرجه البخاري في "صحيحه" (140) الترمذي (49) والنسائي (101) وابن ماجه (404) وهو في "مسند أحمد" (1133)،
(4) عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُهُ عَنِ الْوُضُوءِ؟ فَأَرَاهُ ثَلَاثًا، ثَلَاثًا قَالَ: " هَذَا الْوُضُوءُ فَمَنْ زَادَ عَلَى هَذَا فَقَدْ أَسَاءَ، وَتَعَدَّى، وَظَلَمَ " أخرجه أبو داود (135) والنسائي"المجتبى" 1/88، وابن ماجه (422) ، والبيهقي في "السنن" 1/79 وابنُ أبي شيبة 1/8-9 وابن خزيمة في "صحيحه" (174).
(5) عن الربيع بنت مُعوِّذ ابن عَفْراء، قالت: كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يأتينا، فحدَّثَتنا أنَّه قال: "اسكُبي لي وَضوءاً" فذكر وُضوءَ النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال فيه: فغسلَ كَفيهِ ثلاثاً، ووضَّأ وجهَه ثلاثاً، ومَضمَضَ واستَنشَقَ مرَّةَ، ووضَّأ يَدَيهِ ثلاثاً ثلاثاً، ومسحَ برأسِهِ مَرَّتَين: يَبدَاُ بمُؤخَّر رأسِهِ ثمَّ بمُقدَمِه، وبأُذُنَيهِ كِلتَيهما ظهورِهِما وبُطُونهما، ووَضَّأ رِجلَيهِ ثلاثاً ثلاثاً. أخرجه الترمذي (34) وابن ماجه تاماً بنحوه (390)، وهو في "مسند أحمد" (27022).
(6) عن أبي هُرَيْرَةَ قال : قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:" لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَا وُضُوءَ له ولا وُضُوءَ لِمَنْ لم يذكر اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى عليه" أخرجه الإمام أحمد في المسند[1] [15/243] ح9418 ، وأبو داود [1/60] ح101 ، وابن [1/140] ح399 ، وأخرجه الترمذي في العلل الكبير [1/277] ح14 ، ، وأبو يعلى في مسنده [11/293] ح6409 ،والطبراني في الأوسط [8/96] ح8080 ، والدارقطني في سننه [1/79] ، والحاكم في المستدرك [1/231] ح519و520 وقال : صحيح الإسناد . كلهم من طريق محمد بن موسى المخزومي عن يعقوب بن سلمة عن أبيه عن أبي هريرة به .وهذا الإسناد فيه :انقطاع من جهتين ، من سماع يعقوب من أبيه ، ومن سماع أبيه من أبي هريرة ، قال البخاري : ولا يعرف لسلمة سماع من أبي هريرة ولا ليعقوب من أبيه. التاريخ الكبير [4/76] ، في ترجمة سلمة الليثي 2006 .وقال الترمذي : سألت البخاري عن هذا الحديث فقال : محمد بن موسى المخزومي لا بأس به مقارب الحديث ، ويعقوب بن سلمة مدني لا يُعرف له سماع من أبيه ولا يعرف لأبيه سماع من أبي هريرة . العلل الكبير ص(32) ح17 .
(7) عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ اللهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ». أخرجه مسلم(117) (373)،
(8) أخرجه أبو داود (17) والنسائي(38) وابن ماجه (350) ، والدارمي (2641) وأحمد (18553).