يقول السائل: هناك أقراط تغطي بعض الأذن، فهل يلزم المرأة نزعها حين مسح الأذن؟، وما المقدار الذي دلت عليه السُّنة في مسح الأذن؟، نرجو بسط القول في ذلك، أحسن الله إليكم.
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد ;
مسح الأذن عند جماهير العلماء سُنة، وقالوا: إن الواجب هو تعميم مسح الرأس، على الخلاف بينهم.
ومذهب مالك وأحمد وجوب تعميم مسح جميع الرأس، ومالك رحمه الله لم يُوجب مسح الأذن، ولو أوجب تعميم مسح الرأس.
ومذهب الشافعي رحمه الله مسح شعرات يسيرة بمقدار الجمع كالثلاث، ومذهب أحمد رحمه الله يقول يجب تعميم الرأس كمذهب مالك، ويجب أيضا كذلك مسح الأذنين، وجاء عن أحمد رحمه الله رواية: أنه لو ترك مسح الأذنين عمداً فإن وضوءه صحيح، مع القول بالوجوب على المشهور عنه.
فهذا يعني أنه ليس في تأكده كسائر الأعضاء، وظاهر الأدلة بالوجوب؛ لأنه هكذا توضأ عليه الصلاة والسلام فمسح رأسه وأذنيه في حديث الرُّبيِّع عند أحمد وأبي داوود(1) وكذلك حديث ابن عباس عند الترمذي والنسائي(2)، كذلك حديث مقدام عند أبي داوود(3) وفيها كلها أنه عليه الصلاة والسلام كان يضع السَّباحتين في صِمَاخَي أذنيه، وإبهاميه على ظاهر أذنيه، وفروقه عليه الصلاة والسلام بيان للمجمل في قوله سبحانه " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِن كُنتُم مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَٰكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (4)".
وقالوا إنّ بيان المجمل واجب، ومن ذلك مسح الأذنين وهما من الرأس كما في الحديث الصحيح المروي من طرق من حديث أبي أمامة بن أبي زيد الباهلي "الأذنانِ مِنَ الرأسِ "(5).
وعلى هذا نقول: الواجب المسح لهما، لكن هذه الأقراط إن كانت تغطي ظاهر الأذن تماما ففي هذه الحالة لابد أن يمسح شيئا من ظاهر الأذن، وفي الغالب أن باطن الأذن لا تغطى، وإن كانت تغطي شيئا منها وهذا هو المعتاد، يعني إن لم تكن هذه الأقراط مما في طرف الأذن في شحمة الأذن في الغالب أنها ما تغطي، ويمكن أن تمسح الأذن بلا مشقة، ففي هذه الحالة لا بأس من المسح مع وجودها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) حديث الربيع بنت معوذ ابن عفراء قالت:( رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ قالت فمسح رأسه ومسح ما أقبل منه وما أدبر وصدغيه وأذنيه مرة واحدة ).أخرجه أبوداود(129) والترمذي (34)وابن ماجه (440)وأحمد(26481) وقال الترمذي : حسن صحيح.
(2) أخرجه الترمذي(36) والنسائي(1/74) وابن ماجه(358) وصححه ابن مندة كما في التلخيص الحبير(1/132)
والألباني في صحيح ابن ماجة(358).
(3) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة (38) وأبوداود في كتاب الطهارة رقم (121) وأحمد (16856) وقال الشيخ الألباني : صحيح.
(4) سورة المائدة الآية (6).
(5) أخرجه أبو داود (134) والترمذيُّ (37) وابنُ ماجة(444) وعبد الرزاق في المصنف(1/11) والدارقطني (1/98) قال أبو عيسى الترمذي: هذا حديث حسن ليس إسناده بذاك القائم، وقال عبد الحق الأشبيلي في الأحكام الشرعية(1/468): روي من طرق صحيحة أهـ. وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع(2765).