الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد ;  إذا كان هذا الدم يأتي في دورتها المعروفة ولو كان خيوط ولو كان هذه الإفرازات فأقوي الدلالات على الدم وأنه هو دم الحيض هو العادة, إذا كان لها عادة مضبوطة معروفة ففي هذه الحالة الدم الذي يخرج حيض ولو كان صفرة, وقد كان اختلف العلماء ما هي الصفرة والكُدرة مطلقًا أو ليست حيض مطلقًا حيض في أي أو في أيام العادة حيض؟ أو إذا سبقها دم ونحو ذلك على خلاف كبير والأظهر -والله أعلم- أنها إذا كانت في أيام الحيض فإنها من الحيض, وفي الحديث" كنا لا نعد الصفرة والكُدرة بعد الطهر شيئًا"⁽¹⁾؛ ليبين أن الصفرة والكُدرة قبل الطهر تعتبر دم, ولو أن امرأة لم يكن لها عادة مضبوطة ثم حكمنا لها بأيام فإنه تستمر عادتها ولو كان صفرة وتستمر دمها ويكون دم حيض ولو ضعف وصار صفرة وكُدرة ما لم تطهر, أو ترى علامة الطهر، فإذا كان في هذه الحال يكون حيضًا،  ففي العادة من باب أولى, وخاصة أنه يقول إن معها خيوط دم ولونها أحمر، فهي أبلغ وعلى هذا تقعد مدة أيام العادة؛ ولأن اللون به أثر في الحقيقة، والسبب والله أعلم في أن الدم فيه ضعف اللولب يعني ربما مع تضييق المجاري كان السبب في أن الدم يختلف لونه، ولاشك أن الأشياء الطارئة على الرحم من هذه الأشياء التي تركب لها تأثير على عادة المرأة في تقدمها وتأخرها وفي قوة الدم في اندفاعه وعدم اندفاعه ونحو ذلك, أما انقطاعه إذا كان انقطاع في نفس اليوم فالأظهر والله أعلم أنه لا يبعد عن الحيض؛ لأن الدم ينقطع تارة ويتصل تارة, والدم لا يستمر دائمًا، وخاصة في آخر أيام الحيض, وكذلك إذا كان الحيض على هذه الصفة ضعيف فقد ينقطع, وكان القدماء رحمهم الله إذا قل الدم لا يعتبر طهور مثل هذا لا يعتبر طهور فإذا كانت مثلًا ترى الصفرة والكُدرة في أول النهار ثم ينقطع إلى آخر النهار أو إلى أول الليل أو وسط الليل فالأقرب والله أعلم أن الدم حيض فتبقى حتى ترى الطهر بيقين ما لم يكن استحاضة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) أخرجه البخاري رقم (326).