إذا أمر ولي الأمر بحلق اللحية فهل له طاعة في ذلك؟ وماذا يفعل الإنسان إذا أجبر على حلق لحيته وإلا فسيطرد من عمله؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد ;
يقول عليه الصلاة والسلام كما في الصحيحين في حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه: «إنَّما الطَّاعةُ في المَعروفِ»(1)، وجاءت أحاديث كثيرة في هذا الباب؛ الطاعة لله سبحانه وتعالى، ولرسوله عليه الصلاة والسلام، أما غيره فطاعته في طاعة الله {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ}(2) ما قال وأطيعوا أولي الأمر، يعني أن طاعة أولي الأمر في طاعته داخلة يعني إذا أمروا بطاعة الله سبحانه وتعالى وبطاعة رسوله، فإنهم يطاعون لا طاعة لمخلوق لكن أنت لا تنابذ، عليك أن تصبر.أما بخصوص هذه المسألة وغيرها ممن يؤمر بالمعصية فأقول: إن أجبر الإنسان ولا خيار له إلا هذا، في هذه الحالة لا شيء عليه لأنه أكره، فلو أكره على ما هو أشد،{إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ}(3) .
فمن أكره على شيء منها فلا شيء عليه لأنه عند الإكراه يزول التكليف في هذه الحال، لكن قلبه مطمئن بالإيمان، وكذلك قلبه مطمئن إلى وجوب إعفاء اللحية، وأن هذا الفعل لا يجوز لكن لا خيار له، كما لو أجبر على غيرها من المعاصي.أما إذا كان هذا العمل أن تذهب إليه باختيار وتقصد وتقول أجبرت، هذا لا يعتبر إجبار.أما لو كان أجبرت على هذه مثل التجنيد، إجباري في بعض البلاد ويلزم ويؤمر ببعض الأمور التي لا خيار له فيها ولو امتنع لحصل ضرر؛ هذا لا شيء عليه.أما إذا كان اختيارًا منك وأنت تذهب إليه فهذا سعي إلى الفتنة، والحمد لله لا يضيق بك الرزق، وإنسان يقول رزقي وعملي من هذا الباب فعنده ضعف في حسن ظنه بالله، لا. أحسن الظن بالله، وحسن الظن من حسن العبادة، «أنا عندَ ظنِّ عَبْدي بي»(4)، «ومن ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه»(5). فدع هذا واتركه وأقبل على الله،{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا}(6) {وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ}(7) فمن اتقى الله عز وجل وترك هذا طاعة لله فإنه سبحانه وتعالى ييسر أمره ويجعل له من كل هم فرجًا ومن كل ضيق مخرجًا .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه البخاري رقم (7145) ومسلم رقم (1841).
(2) سورة النساء، الآية: 59 .
(3) سورة النحل، الآية: 106.
(4) أخرجه البخاري رقم (7405) ومسلم رقم (2677).
(5) ) أخرجه أحمد في المسند ( 5 / 78 و363 ) ، وهناد في الزهد ( رقم 938 ) ومن طريقه : أبو نعيم الأصبهاني في حلية الأولياء ( 1 / 253 )، والحسين المروزي في زوائد الزهد ( رقم 1168)، والقضاعي في مسند الشهاب ( رقم 1135 )، والبيهقي في شعب الإيمان ( رقم 5748 ) من طريق : سليمان بن المغيرة، عن حميد بن هلال، عن أبي قتادة وأبي الدهماء، قالا : أتينا على رجل من أهل البادية، فقلنا : هل سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا ؟ قال نعم سمعته يقول :" إنك لن تدع شيئًا لله عز وجل إلا بدّلك الله به ما هو خير لك منه" .وخالف سليمانَ بن المغيرة : أيوبُ السختياني، فرواه عن : عن حميد بن هلال، عن رجل، قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يذكر : أبا قتادة وأبا الدهماء، أخرجه القضاعي في مسند الشهاب( رقم 1137 )،وتابع أيوب السختياني : خالد الحذاء .أخرجه القضاعي في مسند الشهاب ( رقم 1138).قلت : والوجه الثاني أصح، وإسناده صحيح.
(6) سورة الطلاق، الآية: 2 .
(7) سورة الطلاق، الآية: 3 .