مصدر الفتوى :
اللقاء المفتوح
السؤال :

يقول السائل: هناك سبورة مكتوب عليها آيات من القرءان هل يجوز للمعلمين وللمعلمات مسها إذا كانوا محدثين؟، نرجو التوضيح والأدلة؛ لحاجة المنتسبين للتعليم لذلك، وكثرة الخلاف في ذلك، أحسن الله إليكم ويحفظكم ويرعاكم.

الإجابة

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد ;
هذه المسألة موضع نظر وفيها خلاف، وفي جنسها مسائل تشبهها وهو مس الآيات أو مس الكتب التي فيها قرءان، ونحن نعلم أن مس المصحف لا يجوز إلا على وضوء، هذا إذا كان نفس المصحف تباشره بيدك، بخلاف ما إذا كان في غلاف أو كان يوضع في جراب في جلد أو خشب ونحو ذلك؛ فهذا لا يضر لأنه منفصل، أما إذا كان نفس المصحف والتجليد متصل به فلابد من الوضوء؛ للأدلة الموجودة في هذا الباب وقول جماهير العلماء، وهل يلحق بذلك أيضا الورقة التي فيها قرءان؟ هذا هو الظاهر؛ لأن هي صحيفة وهي قرءان فلا يمسها إلا على وضوء.
أما الشيء التابع الذي يكون منفصلا، مثل القرءان في كتب التفسير، القرءان في كتب الحديث، وسائر كتب أهل العلم، فهذا لا بأس من مس الكتاب؛ لأن الغالب هو ما سوى القرءان، أما لو كان كتاب تفسير والقرءان موجود والتفسير في الحواشي وهذا التفسير كالكلمات اليسيرة التي أقل من القرءان في هذه الحالة هذا التفسير تابع من باب البيان، والتابع تابع فيكون الحكم للمتبوع وهو هذه الأوراق الذي كان فيها القرءان، بخلاف إذا ما كان كتاب تفسير كبير، ونسبة القرءان للتفسير نسبة كبيرة والغالب هو ما فيه من التفسير فالحكم لهذا الكتاب وليس الحكم لما فيه من الآيات.  أما إذا كانت سبورة هل يقال حكمها كحكم الورقة المنفصلة وتكون كالصحيفة ونحو ذلك وتأخذ حكم المصحف؟  هذا موضع نظر، وإن كان الأقرب والله أعلم فيما يظهر أنها تأخذ حكم ذلك؛ لأنه لا فرق في أن يكون المصحف في ورقة أو معلق في صحيفة أو على السبورة، فعلى هذا يظهر أن مس الآيات لا يجوز. أما نفس السبورة هذا موضع نظر، يظهر والله أعلم أنها لا تأخذ حكم المصحف أو الورقة التي يكون فيها الآيات، وذلك أن وجود الآيات على السبورة وجود عارض وليس وجود مستقر، ولهذا توضع الآيات وتمسح وهذا أمر مقصود، ولو أمر بالطهارة في مس السبورة فهذا يترتب عليه ضرر، و ربما يكتبها على حائط فهل يقال حكم الحائط حكم الورقة؟ هذا بعيد، وذلك أن وضعها أو كتابتها على السبورة أو كتابتها على الحائط ونحو ذلك شيء عارض، ولا شك أن العارض ليس كالشيء المستقر.
وبخلاف الكتابة على الورقة فإنها كتابة مستقرة لا تزول إلا بإتلاف الورقة، وفي الغالب تكتب لأجل أن تحفظ أو تراجع أو نحو ذلك بخلاف الكتابة على السبورة، فالأظهر والله أعلم أنها تأخذ حكم الورقة، لكن لا بأس للإنسان أن يكتب القرءان وإن كان على غير وضوء. أما مس الآيات فإنه لا يمسها؛ لأنها داخلة في عموم الأدلة، وأنه لا يمس المصحف إلا طاهر(1)على وضوء.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) روى الأمام مالك عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِى بَكْرِ بن مُحَمد بن عَمْرو بْنِ حَزْمٍ، أَنَّ فِي الْكِتَابِ الَّذِي كَتَبَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ: أَنْ لاَ يَمَسَّ الْقُرْآنَ إِلاَّ طَاهِرٌ . أخرجه مالك "الموطأ"534 ، وأبو داود في المراسيل (93)،والنَّسَائِيُّ في السنن الصغرى في كتاب الديات (2/251)، وهذا الحديث روي موصولاً ومرسلاً فرَوَاهُ مَالِكٌ مُرْسَلاً، وَوَصَلَهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ، وقد سئل الإمام أحمد عن هذا الحديث فقال: أرجو أن يكون صحيحاً، وقال الأثرم: احتج الإمام أحمد بهذا الحديث، وانظر التبيان في أقسام القرآن (ص: 229) (التلخيص الحبير (4 / 58 ).




التعليقات