هل يشرع للمرأة صلاة الجنازة في المسجد؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد ;
ظاهر الأخبار أن الأدلة عامة للنساء والرجال، وعليه فتوى جمع من أهل العلم في هذه البلاد وغيرها، وأن المرأة لها أن تصلي على الجنازة، وذلك لعموم الخطاب«من صلى على جنازة»(1)؛ و"من" هذا موصول مشترك، يدخل فيه المذكر والمؤنث والجمع والمفرد، فيشمل النساء، وهذا يكاد يكون محل اتفاق من أهل العلم.
والنبي ما خصص عليه الصلاة والسلام، إنما نهى المرأة عن إتباع الجنازة،(2) فيبقى ما سواه على الأصل؛ فإن كان صلاتها يلزم منها التشييع فلا يجوز، وإن كان لا يلزم للتشييع هذا لا بأس به، أو يحصل بسبب صلاتها نياحة أو صراخ فهذا لا يجوز. فقد ثبت عن عائشة كما في صحيح مسلم أنها أمرت أن يُمر بجنازة سعد بن أبي وقاص في المسجد حتى يصلي عليه أزواج النبي عليه الصلاة والسلام، فكأن الناس استنكروا، فقالت: " ما أسرع الناس أن ينكروا ما لم يعلموا"، أو قالت: "نسي الناس، والله ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابن بيضاء إلا في المسجد"(3) لأنهم كانوا يصلون عليه في المصلى، لكن بينت أنه صلى على ابن بيضاء في المسجد. فإذا صلت وأمنت الوقوع في الأمر المحرم فالنص يدل على أنه لا بأس به، والمرأة الأصل أن صلاتها في بيتها أفضل، وهذا شيء خاص، وأمر خاص، وأجر خاص، ، «بيوتهن خير لهن»(4)، بخلاف صلاة الجماعة، فإنه يحصل لها، يعني لو لم تصل صلاة الجماعة في المسجد صلت في البيت، لكن لو لم تصل الجنازة في المسجد ما حصل لها صلاة الجنازة في البيت، فيفوت، أما الصلاة في بيتها فهي حاصلة. لكن صلاة الجنازة إن كانت يمكن أن تصليها في البيت مثل أن تكون الجنازة في هذا البيت، وسوف تنقل إلى المسجد فلا بأس أن تصلي عليها في البيت هي أو جماعة النساء، وبعد ذلك لا تذهب إلى المسجد، فإن كانت لم تصلِ عليها في البيت مثل الجنائز التي تعلم يصلى عليها، أو تريد أن تصلي عليها فلا بأس فيما يظهر في عموم الأدلة بشرط ألا يحصل منها أمرًا محرمًا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه البخاري (1325)، مسلم (947). عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(2) عن أم عطية رضي الله عنها قالت: "نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا". أخرجه البخاري (1199)، مسلم (1556).
(3) أخرجه مسلم (974).
(4) حديث ( لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ) ولفظة " وبيوتهن خير لهن "
روى هذا الحديث من الصحابة . ابن عمر , أبو هريرة , زيد بن خالد الجهني , وعائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، ولم تذكر لفظة " وبيوتهن خير لهن " إلا من حديث ابن عمر رضي الله عنه وقد روى هذا الحديث عن ابن عمر؛ بلال بن عبد الله بن عمر , ونافع , وحبيب بن أبي ثابت , ومجاهد بن جبر , وسالم بن عبد الله , وعبد الله بن دينار، وكل الرواة عن ابن عمر لم يذكروا لفظة ( وبيوتهن خير لهن ) : بل تفرد بها حبيب بن أبي ثابت عن ابن عمر ، وحبيب بن أبي ثابت ( ثقة كثير التدليس والارسال ) وقد عنعن في هذا الحديث ولم يصرح بالسماع , فالحديث تفرد بروايته حبيب بن أبى ثابت عن ابن عمر عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "لا تمنعوا نساءكم المساجد وبيوتهن خير لهن ".أخرجه أحمد رقم (5468) و (5471) و"أبو داود في سننه رقم( 567). و"ابن خزيمة"( 1684 ).