يقول السائل : ما حكم كلمات دارجة مثل: "لا سامح الله"، "لا قدر الله"، "الله لا يقوله"، ومثل هذا؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
هذه كلمات يكثر قولها بين الناس، وهي معانيها المقصودة من المتكلم معاني صحيحة، نفس المعاني، لكن الإشكال في اللفظ، ولهذا وقع الاختلاف فيها من جهة هل هذا اللفظ مادام أن المعنى المقصود معنى صحيح، وهو أن الإنسان يقول، "لا قدر الله"، "لا سامح الله"، وكذلك "الله لا يقول"، وما أشبه ذلك، أي الله لا يقدره وإن كانت تختلف مثل "لا قدر الله"، قد يكون أمرها أوضح، لأن ذكر التقدير فيها، وأن الله سبحانه وتعالى هو المقدر، لكن معنى "لا سامح الله" السماح هو الإذن، يعني لا أذن في هذا، من جهة الإذن القدري، والإذن قد يكون كونيًا، فالمعنى أن يسأل الله عز وجل ألا يوقع هذا، فهو كالدعاء بذلك، ألا يقع مثل هذا الشيء، والإنسان يدعو ويسأل ربه سبحانه وتعالى أن يقدر له خير الأمور.
ولهذا في الحديث الصحيح، حديث عائشة الذي قال: «اللهم إني أسألك الخير كله عاجلة وآجله، وأعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله، وأسألك خير ما سألك عبدك ونبيك، وأعوذ بك من شر ما استعاذ بك منه عبدك ونبيك، وأسألك أن تجعل كل قضاءٍ قضيته لي خيرًا»(1).
أي حينما يقع القضاء يسأله أن يجعله له خيرًا، وإن كان في ظاهرة عليه شيءٌ من الشدة، فهو كذلك يسأل الله سبحانه وتعالى، حينما يخشى من أمر فيه شدة ألا يقع.
وجاء في الخبر"إن الدعاء والبلاء ليلتقيان ويعتلجان في السماء إلى يوم القيامة"(2)، وكذلك الإنسان معلومٌ أنه عليه أن يدعو الله عز وجل، ولا يقف عند حدٍ معين، بل يدعو ربه، ويسأل ربه، ولهذا الداعي على واحدة من ثلاث مسائل، كما أتى في الحديث الصحيح من طرق عن النبي عليه الصلاة والسلام، وعلى هذا الإشكال في مسألة هذه الألفاظ، ومادام أن هذا اللفظ ليس فيه نكاره، وليس فيه غرابه، وهذه هي القاعدة في مثل هذه الألفاظ المحتملة، إذا كان ليس فيها شيء يوحش، وليس فيها أمر يستنكر، أو ليس فيها أمر مما يقع فيه شيء مما يستغرب، أو فيه مخالفة، فالأمر يظهر أنه واسع، لأنها تفسر على وجهٍ صحيح، والعلماء دائما يقولون في مثل هذه الأمور، حينما يقول الإنسان لفظ، مستفسر عن المراد، وإن كان الأولى أن الإنسان يقصد الألفاظ الصحيحة، التي لا إشكال فيها، فإذا فسر أمرًا صحيحًا، قلنا المعنى صحيح، ثم ينظر في اللفظ، إذا لم يكن فيه شيء يخالف، فالأمر فيه واسع، وكذلك كلمة "الله لا يقوله" المعنى يظهر أن الله لا يقدره، والله عز وجل كما قال:{ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ}(3). فالله سبحانه وتعالى في كلامه سبحانه وتعالى وفي تقديره من الأمور ما يكون فيه شدة، ويقع بعض المصائب، لكن تكون خيرًا لأهل الإيمان، لكن هو يسأل ربه سبحانه وتعالى في ابتداء الأمر أن يجعل كل قضاءٍ قضاه له خيرًا، سواءٌ أكان قضاءً معلقًا، أو قضاءً مبرمًا واقعًا عليه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه ابن ماجة (3846)، وأحمد (24497) وابن حبان (869).
(2) أخرجه الحاكم بلفظ: " وإن البلاء لينزل فيتلقاه الدعاء فيعتلجان إلى يوم القيامة "، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. المستدرك (1 / 123)، وأخرجه البزار- كشف الأستار- (رقم 2165) وقال ابن حجر «في التلخيص الحبير» 4/ 121 (1909): وفي إسناده زكريا بن منظور وهو متروك. وحسنه الألباني في صحيح الجامع (7739).
(3) سورة: الأحزاب ، الآية (4).