يقول السائل : ما الحكم في شراء السبحة، وتوزيعها في بلدنا لأن هذ هدية للقادم من العمرة؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
إذا كان مقصود بها الهدية لا بأس ، وإذا كان مقصوده أنه يأخذ هذه السبحات الطويلة، التي توضع على العنق، وتنزل قريبًا من الركبتين، هذه في الحقيقة يقصد منها الرياء، والمراءاة، ولو على كتفك، ربما يحرك بيده، ولسانه مشغول بالكلام، كما قال بعض العلماء "له لسانين لساناً يتحدث به، ولسان يذكر به، وإلا كان كاذبًا" إما أن يكون له لسانان لسان يحدث به ولسان يذكر الله به، أو كان كاذبًا، وهذا يكون في ما تكون من المسابح الطويلة التي تكون للرياء، وإظهار العمل، وما أشبه هذه بدعة، أما المسابح المعتادة، فإن كان مثلًا يعبث بها بيده، هذه لا بأس بها.
أما إن كان يسبح بها، فهذه فيها خلاف:-كثيرٌ من أهل العلم، يقول: لا بأس بالتسبيح بالمسبحة، إذا كانت هذه المسبحة ليست من المسابح التي يظهرها الإنسان، ويقصد من ذلك ضبط عدد التسبيحات التي جاء فيها عدد، لأنه لا يقبضها.وجاء عن بعض الصحابة روي عن جويريه، وروى من حديث سعد بن أبي وقاص عند أبى داود أيضًا(1)، وجاء عن أبى هريرة أيضا هذا، وجاء عن ابن مسعود «أنكروا ذلك عن القوم الذين جمعوا حصا ويسبحون»(2).لكن إنكارهم -رضي الله عنهم- ليس على مجرد الحصا، ولكن على مجرد الاجتماع علية، ويقول سبحوا سبحوا، يعنى على هيئة الاجتماع»،
والذكر على هذه الصفة، وهو يقول لهم سبحوا، فهو أنكر عليهم الهيئة الاجتماعية التي كانوا عليها، فإذا كان على هذا الوصف، فلا باس بها. ومن ذلك أيضًا بما يسمى العداد، أو المسبحة الالكترونية هذه، أيضًا لا بأس بها لأنها ليس فيها ظهور، وهى أخف، وليس فيها أيضًا تلك المراءاة وإن كان السنة، وهو الأكمل أن الإنسان يسبح بأنامله قال عليه الصلاة والسلام من حديث أبي هريرة:«اعقدن بالأنامل فإنهم مسؤلاتٌ مستنطقات»(3) .وقال في حديث عبد الله بن عمرو عند أبي داود كان « كان يعقد التسبيح بيمينه عليه الصلاة والسلام»(4).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه أبو داود (1500) في الصلاة. باب التسبيح بالحصي، والترمذي (3568) الحاكم في " المستدرك " 1/547-548 وصححه هو والذهبي، وقد حسن الحديث أيضًا الحافظ ابن حجر في "أمالي الأذكار" فيما نقله عنه ابن علان 1/245.
(2)عن أَبي مُوسَى الأَشْعَرِيُّ فَقَالَ: أَخَرَجَ إِلَيْكُمْ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ قُلْنَا: بَعْدُ لَا, فَجَلَسَ مَعَنَا حَتَّى خَرَجَ، فَلَمَّا خَرَجَ قُمْنَا إِلَيْهِ جَمِيعًا فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنِّي رَأَيْتُ فِي الْمَسْجِدِ آنِفًا أَمْرًا أَنْكَرْتُهُ- وَلَمْ أَرَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ إِلاَّ خَيْرًا- قَالَ: فَمَا هُوَ؟ فَقَالَ: إِنْ عِش.ْتَ فَسَتَرَاهُ، قَالَ: مَا رَأَيْتَ؟ قَالَ: رَأَيْتُ فِي الْمَسْجِدِ قَوْمًا حِلَقًا جُلُوسًا يَنْتَظِرُونَ الصَّلَاةَ, فِي كُلِّ حَلْقَةٍ رَجُلٌ, وَفِي أَيْدِيهِمْ حَصا فَيَقُولُ: كَبِّرُوا مِائَةً, فَيُكَبِّرُونَ مِائَةً, فَيَقُولُ: هَلِّلُوا مِائَةً, فَيُهَلِّلُونَ مِئَةً, وَيَقُولُ: سَبِّحُوا مِائَةً, فَيُسَبِّحُونَ مِائَةً, قَالَ: فَمَاذَا قُلْتَ لَهُمْ قَالَ: مَا قُلْتُ لَهُمْ شَيْئًا انْتِظَارَ رَأْيِكَ، وِانْتِظَارَ أَمْرِكَ, قَالَ: أَفَلَا أَمَرْتَهُمْ أَنْ يَعُدُّوا سَيِّئَاتِهِمْ وَضَمِنْتَ لَهُمْ أَنْ لَا يُضَيَّعَ مِنْ حَسَنَاتِهِمْ؟!، ثُمَّ مَضَى, وَمَضَيْنَا مَعَهُ حَتَّى أَتَى حَلْقَةً مِنْ تِلْكَ الْحِلَقِ فَوَقَفَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ: مَا هَذَا الَّذِي أَرَاكُمْ تَصْنَعُونَ؟ قَالُوا: يَا أَبَا عَبْدِ الَّرحْمَنِ حَصاً نَعُدُّ بِهِ التَّكْبِيرَ وَالتَّهْلِيلَ وَالتَّسْبِيحَ, قَالَ: فَعُدُّوا سَيِّئَاتِكُمْ, فَأَنَا ضَامِنٌ أَنْ لَا يَضِيعَ مِنْ حَسَنَاتِكُمْ شَيْءٌ, وَيْحَكُمْ يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ مَا أَسْرَعَ هَلَكَتَكُمْ, هَؤُلَاءِ صَحَابَةُ نَبِيِّكُمْ صَلى الله عَليهِ وسَلم مُتَوَافِرُونَ, وَهَذِهِ ثِيَابُهُ لَمْ تَبْلَ, وَآنِيَتُهُ لَمْ تُكْسَرْ, وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّكُمْ لَعَلَى مِلَّةٍ هِيَ أَهْدَى مِنْ مِلَّةِ مُحَمَّدٍ أَوْ مُفْتَتِحُوا بَابِ ضَلَالَةٍ! قَالُوا: وَالله يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَا أَرَدْنَا إِلاَّ الْخَيْرَ, قَالَ: وَكَمْ مِنْ مُرِيدٍ لِلْخَيْرِ لَنْ يُصِيبَهُ, إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَليهِ وسَلم حَدَّثَنَا أَنَّ قَوْمًا يَقْرَؤُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، وَايْمُ الله مَا أَدْرِي لَعَلَّ أَكْثَرَهُمْ مِنْكُمْ، ثُمَّ تَوَلَّى عَنْهُمْ. أخرجه الدارمي (222).
(3)أخرجه أبو داود في الصلاة (1501) و الترمذي في الدعوات (3577) وأحمد 6/ 370 - 371، وهو في مصنف ابن أبي شيبة 10/ 289 برقم (9463). ومن طريق ابن أبي شيبة السابقة أخرجه الطبراني في الكبير 25/ 73 - 74 برقم (180). والحاكم 1/ 547، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي.
(4) أخرجه أبو داود في الصلاة (1502) والترمذي في الدعوات (3482) وقال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب، والنسائي في السهو( 3/ 79)، وابن ماجه في الإقامة (926)، وأحمد 2/ 160 . والحاكم 1/ 547 ". وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي.