أختنا زينب من السودان، سألت فيما يتعلق بمراقبة الناس؛ بحجة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لكن في ما يتعلق بمراقبة وتتبع الناس وخصوصياتهم هل هذا يجوز؟حتى لو كان بمبرر نصيحتهم فيما يتعلق بالأمور الدينية
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
هذا لا يجوز، وهو من التجسس، وأيضاً سوء الظن. قال سبحانه، وتعالى{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ}[الحجرات:12].
وقال النبي عليه الصلاة، والسلام كما ثبت في الصحيحين "إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث"(1) فنهي عن التحسس، ونهى عن التجسس، ولأنه حينما يراقب، فربما أن إنسان يزعم أنه لأمر من الأمور، فيسوقه هذا إلى التجسس، ثم يسوقه بعد ذلك إلى سوء الظن، ثم يسوق بعد ذلك إلى العمل بمقتضى هذا الشيء، فإن سد الشارع هذا، حتى ولو فرض أنه يعتقد أن هناك شيء، أو كذا فلا يجوز مثل هذا.
وثبت عند أبو داود بإسنادٍ جيد من حديث عقبة ابن عامر؛ أن رجلاً قال له إن جيراناً أقواماً لنا يفعلون كذا، وكذا على منكر تحقق منه، وإني آتٍ لهم بالعشش، أو قال بالشرطة، ورفع أمرهم إلى عقبة، فنهاه رضي الله عنه، وقال إن النبي عليه الصلاة، والسلام قال" مَنْ رَأَى مِنْ مُسْلِمٍ عَوْرَةً فَسَتَرَهَا كان كمن أحيا موءودة من قبرها "(2) .الستر على المسلم، ومن ستر مسلماً ستره الله، والذي يستتر ما دام الستر هذا لا يخرج عن مقتضى المعصية الخفية.أما إذا كان استتار على جريمة مثلاً، أو على بغاء، أو على قتل مسلم، أو ما أشبه ذلك هذا؛ فهذا يهتك ستره في الحقيقة لأنه ارتكب أمراً عظيماً، وفساداً كبيراً.لكن من جملة المعاصي التي يستتر بها الإنسان حياءً، وخجلاً، فهذا حريٌ أن يتوب منها، حريٌ أن يتذكر ربه سبحانه، وتعالى. فأقول مادام على هذه الصفة، فلا يجوز التجسس لما فيه من الإساءة الظن بالمسلمين، ثم ولو كان هناك بعض الأمور، وبعض القرائن، فالمفاسد المترتبة على تجسسه أعظم من المفسدة الحاصلة بهذا المنكر؛ ما لم يكن أمر يستدعي فضح هذا، والتجسس عليه لأمر فيه فساد، أو شر، أو نحو ذلك.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه البخاري رقم (6064). ومسلم (2563).
(2)أخرجه أبو داود في كتاب الأدب باب/ الستر على المسلم (4891)، ضعيف ـ «الضعيفة» (1265).