يقول السائل : هل هناك فرق بين المُصِر على المعصية وملتزمها؟كأن يقول أنا ألتزم بشرب الخمر؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
الإصرار على المعصية هو ألا ينوي التوبة، التزام المعصية لا أدري ماذا يريد؟ هل يريد أن يلتزم المعصية بأن يحلف أنه يفعل المعصية؟ هذا إصرار مؤكد، الإصرار قد يكون بالنية، وقد يكون بالنية والقول، وقد يكون بالنية والقول المؤكد بالحلف، وهذا أقبح لأنه حينما يحلف على المعصية يكون إثماً آخر، لأنه حلف والتزم أمراً محرم فيكون آثم بقوله، وآثم بنية إصراره، وآثم إذا عمل، فهو حينما يكون مصراً فهو آثم على الإصرار، وحينما يلتزم بالقول آثم بالتزامه لأنه التزم بقول محرم، تكلم بكلام محرم، وهو التزام المعصية والحلف على المعصية، والله –عز وجل- يقول: {وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ}([1])، ونعلم أن الإصرار على المعصية عند جمهور العلماء يلحقها بالكبائر إن كانت صغيرة، وذهب آخرون إلى خلاف ذلك، واستدلوا بحديث: "لاصغيرةَ مع إصرارٍ ولا كبيرةَ مع استِغفارٍ" والحديث ضعيف،
الصواب أنه موقوف على ابن عباس كما رواه جرير وابن أبي حاتم، الثابت هو عن ابن عباس، لما سئل عن الكبائر هي سبع، قال إلى السبعين أقرب لكن: " لا صغيرةَ مع إصرارٍ ولا كبيرةَ مع استِغفارٍ"، وقال النبي –عليه الصلاة والسلام- فيما رواه أبو بكر عند أحمد من حديث أبي بصيرة مولى أبي بكر عن أبي بكر –رضي الله عنه- أنه –عليه الصلاة والسلام-: "ما أصرَّ مَنِ استَغفَر، وإن عاد في اليومِ سبعينَ مرةً"(3) ، وهذا الحديث من طريق أبي بصيرة وهو مجهول، لكن قال ابن كثير–رحمه الله- ما معناه أن هذا كبير، وهو مولى أبي بكر، الجهل بحاله لا يضر، المعنى أنه لا شك أن الالتزام أشد، لأنه إما أن يكون التزام بالنية بأن يلتزم ذلك ويعقد عليه، أو يلتزم بالنية مع القول والحلف، وهذا حلف منكر ولا يجوز، وعليه التوبة من هذا الفعل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)سورة آل عمران، الآية: 135.
(2) أخرجه القضاعي في مسند الشهاب (853) والطبراني في الدعاء (1797), وابن أبي الدنيا في التوبة رقم (173) وانظر كلام الحافظ ابن حجر في المطالب العالية حديث رقم (3311 ) ففي سند الحديث داود بن المحبر متروك كما نص عليه الحافظ في التقريب , وتعقب الحافظ ابن حجر هذا الحديث بعد نقله من مسند الحارث , بأنه موضوع , والحديث عند ابن أبي الدنيا مرفوعا في التوبة بسند فيه مجاهيل عن ابن عباس , وكذا البيهقي في الشعب رقم (6697) موقفا على ابن عباس وفيه من مجاهيل كذلك , والله أعلم.
(3) أخرجه أبو داود ( 1514). والترمذي ( 3559). والبزار - البحر الزخار - ( 1/171). والزيلعي في تخريج الكشاف ( 1/227) وقال: حسن . وذكره ابن مفلح في الآداب الشرعية (1/118) وقال: حسن. وذكره ابن كثير في تفسير القرآن ( 2/106). وقال: حسن .