السؤال: ما حكم مصافحة زوجة العم والخال إذا كانت كبيرة السن؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
الإجابة: لا يجوز مصافحة الأجنبية إنما هذا في المحارم ومعها من فتنة، وعامة أهل العلم على هذا القول أنه لا يجوز أن يصافح الرجل. إنما إذا كانت المرأة كبيرة السن هذه فيها خلاف عند الأحناف والشافعية، وكذلك القول عند الحنابلة بالجواز حينما تؤمن الفتن، ومنهم من جوز إذا كان بحائل ولو لم تكن كبيرة وكلها أقوال ضعيفة، وثبت في الصحيحين من حديث عائشة أنه عليه الصلاة والسلام قالت: " وما مست يَدُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ، إِلَّا يَدَ امْرَأَةٍ يَمْلِكُهَا "(1) وهو رسول الله عليه الصلاة والسلام فكيف بغيره ممن لا تؤمن عليه الفتنة، وكذلك في حديث أميمة بنت رقيقة عند الترمذي وأحمد والنسائي وغيرهما أنه عليه الصلاة والسلام قال: «إنما قولي لامرأة كقولي لمائة امرأة»(2) وإذا كان هو عليه الصلاة والسلام يقول ذلك فغيره من باب أولى.ثم أيضًا النظر للأجنبية لا يجوز على ظاهر الأدلة، والمصافحة أشد وأبلغ، ثم أيضًا أثر المصافحة وضررها، وما يثير بها الفتنة هذا أمرٌ لا يخفى فلا يجوز ذلك وأهل العلم يقول: "لكل ساقطةً لاقطة ولو عجوزًا كبيرة"، وفي حديث معقل بن يسار عند الطبراني في الكبير أنه عليه الصلاة والسلام قال: «لَأَنْ يُطْعَنَ فِي رَأْسِ رَجُلٍ بِمِخْيَطٍ مِنْ حَدِيدٍ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمَسَّ امْرَأَةً لَا تَحِلُّ لَهُ»3)
وهذا الحديث اختلف في ثبوته وامرأة شداد بن سعيد أبو طلحة الراسبي، وروى له مسلم لكن تكلم فيه بعضهم، وقد جاء عند ابن أبي شيبة، ورواه شداد بن سعيد، عن أبي العلاء يزيد بن عبد الله بن الشخير، عن معقل بن يسار.وخالفه بشير بن عقبة الناجي قال : حدثني يزيد بن عبدالله الشخّير ، عن معقل بن يسار قال : (لأن يعمد أحدكم إلى مخيط فيغرز به رأسي أحب إليّ من أن تغسل رأسي امرأة ليست مني ذات محرم .)(4) فرواه موقوفًا لكن مع اختلاف اللفظ. ويحتمل أن الخبرين ثابتان لكنه هو مرفوع بلفظ وهذا موقوف بلفظ، ويحتمل أن شداد بن سعيد وهم فرفعه وهو موقوف؛ لأن بشير بن عقبة أثبت منه فإنه لم يتكلم في أحدهم من رجال الشيخين، ووثقه الأئمة –رحمة الله عليهم-، أما شداد بن سعيد فتكلم فيه بعضهم، وإن كان جمهور العلماء على إنه ثقة -رحمه الله-.ومن الجملة الخبر في المعنى ثابت من جهة المعنى، وتقدم من الأدلة ما يدل على ذلك، وأن أهل العلم عامة أهل العلم على هذا أما القول بالتفريق بين المرأة الكبيرة يعني الصغيرة هذا قول ليس بصحيح؛ ولهذا ذهب الملكية إلى عموم التحريم بلا فرقٍ بين المرأة الصغير والكبيرة.والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه البخاري (2713)، ومسلم (1866).
(2) أخرجه الترمذي في "السنن" (1597) ، وفي "العلل الكبير" 2/682، والنسائي في "المجتبى" 7/152، وفي "الكبرى" (7813) و (8725) ، وابن ماجه (2874) ، وأحمد (27006).
(3) أخرجه الطبراني في الكبير(486). والروياني في " مسنده " (2/ 323) رقم (1283).
(4)أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " (4/ 15) رقم (17310).
وسند صحيح ، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين .