يقول السائل : نسمع كثيرًا من الشباب للأسف من يقدح في العلماء ويتهمونهم بالخذلان والتقاعس ما توجيهكم بذلك؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد ;
العلماء حينما ترى منهم بعض الأمور والأفعال يعني نوع تقصير كما تقول وعدم اجتهاد في هذا الأمر, فهذا ليس معصوم، والواجب عليك في هذه الحال المناصحة فقد يكون هذا العالم متأول لهذا الفعل، وقد يكون أنت أخطأت، في نظرك وأنه تقاعس وقد يكون له عذر, كما وقع في عهد الصحابة رضوان الله عليهم بعض الصحابة شباب إما أسامة بن زيد وغيره، المعنى أن العالم لا يشرع في حقه حينما يناصح أو حينما يكلم ولاة الأمر ونحو ذلك، فيأتيه بعض الناس ويقولون هذا ليس من المناصحة، والطريق المشروع للمناصحة هو بذل الجهد في النصيحة، وبيان الحق مع سلوك الطريق الأنسب والأيسر والأسهل, ولهذا لأهل العلم طرق في هذا وهم يختلفون في هذا؛ فلذا ربما يكون الإنسان ظن ظنًا وكان ظنه ليس بصواب. والجملة لا نقول أن أهل العلم معصومون، الخطأ يقع في كل أحد" كل بني آدم خطاء"(29)، وهم منهم فإذا رأيت شيء من هذا فاجتهد في المناصحة، واجتهد في بيان الأمر، ولعل هذا أمر يبلغه ، ولعله تأويل إلى غير ذلك، وقد يكون له عذر من الأعذار, ابحث عن عذر، وأنت حينما ترى رجل من عامة الناس وقع في خطأ، فإنك تبحث له عن العذر المناسب, وتقول لعله كذا فأهل العلم من باب أولى، ثم مما ينبغي بل الواجب صيانة أعراض أهل العلم وعدم التعرض لهم، والتكلم في الأعراض إذا كان لعموم الناس لا يجوز وعند كثير من أهل العلم من الكبائر فأهل العلم غيبتهم أشد, نص العلماء على أن غيبة العالم والعابد ليس كغيبة غيره من عامة الناس، وإن كانت الغيبة محرمة للجميع ولا تجوز إلا في صور استثناها أهل العلم, ثم نعلم أن الكلام في أهل العلم في الحقيقة يفتح الطريق لأهل الشر والفساد من دعاة السوء الذين لا يريدون الخير لهذه الأمة، الذين يريدون أن يفسدوا بين العلماء والولاة، و بين العلماء والشباب وبين العلماء وعموم الناس, ولهذا تراهم يلمزون ويغمزون ويشبهون ويلبسون وربما ينساق معهم بعض الناس جهلًا، وهؤلاء في الحقيقة ذئاب في صورة أنس وقلوبهم قلوب الذئاب, وكم أفسدوا ولا يريدون خيرًا بالأمة؛ ولهذا وقع في شراك ذلك كثير من الناس حتى أنهم سلطوا ألسنتهم على أهل العلم والدعاة إلى الله سبحانه وتعالى، وسلم منهم أعداء الدين من الرافضة والعلمانيين والليبراليين وأمثالهم مما لا يريدون خيرًا بالأمة ولا ولاة الأمر، بل يريدون بها الشر ويكيدون لها وتجدهم يتفقون مع المأرب الفاسدة في الشرق والغرب لحرب الدين, ولو فرض أن هذا العالم وقع في الخطأ لو لم يكن في كف الميزان، والعمل في ذلك وإحسان الظن بسد الباب للمفسدين لكن أمرًا واجب, فلو كان ما وقع من هذا العالم أمرٌ يترتب عليه مفاسد فإن المفاسد المترتبة على أهل العلم، وفتح الباب لأهل الشر والفساد وإيقاع العداء والبغضاء بين أهل العلم وغيرهم ففسادهم فساد عظيم ثم يؤول بعد ذلك إلى عدم ثقة الناس بأهل العلم, حينما يتكلم هذا ويتكلم هذا؛ فيفضي إلى سوء الظن ثم إذا ساء الظن بين أهل العلم وطلاب العلم فقل على عامة الناس السلام، بل ربما يلجئون إلى غيرهم من أهل الشر والفساد؛ فليحذر من وقع في مثل هذه الأمور، وليتقِ الله سبحانه وتعالى وليعلم أنه موقوف ومسئول عن قوله الذي ترتب عليه من المفاسد الشيء الكثير، وهذا أمر مشاهد ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(28) أخرجه البخاري في صحيحه ( برقم 2661)، و مسلم رقم ( برقم 4972).
(29) أخرجه ابن أبي شيبة (13/187) , وأحمد (3/198), والترمذي (2499), وابن ماجه (4251) والحاكم (4/272) وقال : صحيح الإسناد ولم يخرجاه , والبيهقي في شعب الإيمان (5/420), والدارمي (2/392), وأبو يعلى( 5/301 ) وعبد بن حميد(1/360) وقال الترمذي : هذا حديث غريب, وقال ابن القطان في كتابه " بيان الوهم والإيهام " ( 5/414) : وهو عندي صحيح، وحسنه الشيخ الألباني في الصحيحة (6/822).