• تاريخ النشر : 31/05/2016
  • 322
مصدر الفتوى :
اللقاء المفتوح
السؤال :

سائل يقول:  كيف أعالج نفسي من الحب والعشق؟ أحسن الله إليكم.

الإجابة

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد ; الاستعانة بالله سبحانه وتعالى واللجوء إليه هو السبب والعلاج والترياق الذي فيه شفاء للنفوس قال الله تعالى: "ونُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ "(1)، فعليك أن تلجأ إلى الله، وهذا لا شك أن المراد به الحب المحرم والعشق المحرم. أما حب الرجل لزوجه وهذا مما يُعين على الخير ودوام الحب بينه وبين زوجته، كذلك كسائر أنواع المحبة الأخرى هذه أمرها معروف، سواء كانت محبة طبيعية أو محبة دينية محبة في الله ونحو ذلك. لكن هذه المحبة كما قال ابن القيم: لا ترد إلا على قلب فارغ، فالقلوب الفارغة تأتي لها هذه المصائب والبلايا حينما يقع في مثل هذه الأمور. الواجب كما تقدم أن يلجأ العبد إلى الله عزّ وجلّ ، وأن يستعين به وأن يختار أوقات الإجابة وغير أوقات الإجابة باللجوء لله سبحانه وتعالى وسؤاله، ويبكي وتدمع عينه حتى يغسل قلبه لأن هذا الحب المحرم له أسباب، وهي مرض من أمراض القلوب، التي على من وقع فيه أن يجتهد في دواءها وهي بمثابة أرض فسدت أو شجرة فسد أصلها بما نبت فيها بما يهلكها ويتلفها، فيحتاج إلى تطهيرها من هذه المادة الفاسدة، ثم بعد أن تنقى ويزال منها ما فيها من المادة الفاسدة التي تكون سببا في تلف الثمرة يجعل فيها المادة الطيبة من الماء والتراب والمواد التي تطيب الثمرة. كذلك مثل الجرح الذي قد فسد بما فيه من القيح والصديد، لا يمكن أن تضع عليه الدواء، بل تذهب للطببيب والجراح الذي يشق لكي يستخرج هذه المادة الفاسدة وما فيها من القيح والصديد، حتى إذا خلص من هذه المادة الفاسدة صلح المكان للدواء. كذلك الثوب المتسخ لا يمكن أن تطيبه وأن تعطره وهو متسخ، بل عليك أن تغسله وأن تزيل ما فيه من أذى، ثم بعدها يكون صالحا أن تطيبه، ولهذا سُئل بن الجوزي رحمه الله: أيهما أفضل الاستغفار أو الذكر؟ فقال فيما معناه: إن القلب الذي تلبس أو وقع في المعاصي كالثوب المتسخ يطيب بالغسل له. فالمعنى أنه يغسل قلبه بالاستغفار، يستغفر الله سبحانه وتعالى ويتوب إليه، ثم يجتهد في اللجأ إليه والمعنى أن يجتهد في اللجأ إليه بالاستغفار وإزالة هذه المواد الفاسدة، ثم أيضا من أعظم الأسباب قطع هذه المواد، وهذا المثال المتقدم إشارة إلى أن الواجب على العبد أن ينظر إلى أسباب وقوع هذا الحب الذي ضر به، وإن استمر عليه فإنه يتلف عليه حياته، وينغص عليه أموره في حياته، بل لا يجد الأنس في صلاته ولا في حياته كلها. ومن أعظم الأسباب لهذا البلاء هو إطلاق النظر في الأمور المحرمة، وسماع الأشياء المحرمة في الصور المحرمة، والمشاهد المحرمة التي ترين على القلب شيئاً فشيئاً حتى يعود منكوساً. فعلى من ابتلى بذلك أن يدعوا الله سبحانه وتعالى أن يطهر قلبه وأن يغسل قلبه، وأن يكثر من الدعاء واللجأ إلى الله تعالى، والمحافظة على الصلوات الخمس والسنن الرواتب، وإجابة المؤذن، وصحبة الأخيار، وحفظ السمع والبصر من هذه المحرمات، فهذه هي المداخل التي ينفذ منها الشيطان. فعليك أن تغلق مداخل الشيطان من السمع والبصر وكذلك الجوف من الأكل المحرم ونحو ذلك مما هو من أعظم أسباب  هذه المصائب والبلايا.
أسأله سبحانه وتعالى أن يمن علي وعلى إخواني بالتوبة النصوح ،وبالعلم النافع والعمل الصالح، اللهم آمين وصلِّ اللهم وبارك على نبينا محمد.



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) سورة الإسراء الآية (82).


التعليقات