هل الدعوة في سبيل الله تصبح فرضًا إذا كان المسلم يعيش في قرية لا يوجد فيها غيره من أهل العلم؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد ;
من كان في مكان وليس فيه غيره ممن يدل على الخير، فإن أصل الدعوة يجب، والجهاد يجب على كل إنسان يقدر على الدعوة وعلى الجهاد بحسبه، الجهاد باللسان، الجهاد بالسنان، الجهاد بالقلم، وكل إنسانٍ عليه عليه جزءٌ من أمور الدعوة، ولهذا أمر النبي عليه الصلاة والسلام بالتبليغ كما تقدم،(1) فإذا كنت في مكان، وليس فيه غيرك، فالواجب عليك أن تدل، والنبي عليه الصلاة والسلام قال: «من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده».(2) فأنت حينما ترى أمورًا خلافًا للسنة، أو أمورًا منكرة، يجب عليك، يتعين، بل لو أن إنسان في بلد فيه غيره، ورأى أمرٌ محرم وجب عليه البيان، فمن كان وحده وغيره لا يعلم مثل علمه كلن الوجوب عليه آكد، ويتعين عليه، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام كما في حديث أبي هريرة عند أحمد وأبي داوود بإسناد صحيح «من سئل عن علمٍ فكتمه، ألجمه الله بلجامٍ من نار».(3) وعيد شديد، وكتم العلم له وجهان، الوجه الأول أن يسأل عنه، فيجب عليه أن يجيب مادام يعرف، الوجه الثاني لو كان علمًا يجب بيانه، مثل يرى أناس على بدعة أو على أمر محرم، فنقول بيِّن، يقول ما سألوني، نقول يجب عليك البيان، لأنك كاتمٌ للعلم، لكنه عليه الصلاة والسلام «من سئل». لأن هذا على الغالب أن الكتمان يكون عند السؤال، وحينما يرى الشيء فيبتدئه، فلا يكون الكتمان من جهة عدم السؤال، يكون من كونه لم يبتدئ، لأنه لم يسأل، لذلك يجب عليه الابتداء ببيان العلم،
فهذا هو الأصل في هذا الباب والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) عن عبد الله بن عمرو ( أن النبي صلى الله عليه وسلم قال بلغوا عني ولو آية وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ). أخرجه البخاري رقم (3274 ).
(2) عن أبي سعيد الخدري قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" من رأى منكم منكرا فليغيره بيده".
أخرجه البخاري رقم (956) ومسلم رقم(49) .
(3) أخرجه أبو داود (3658) ، والترمذي (2649) ، وابن ماجه (261) ، وأحمد (2/263، 305) وقال الحافظ ابن حجر في «القول المسدد» (ص45) بعد أن أورد رواية أبي داود : « والحديث وإن لم يكن في نهاية الصحة ، لكنه صالح للحجة .وحكم الذهبي في «الكبائر»(ص146) بصحته ، فقال : " إسناده صحيح "