• تاريخ النشر : 10/06/2016
  • 269
مصدر الفتوى :
اللقاء المفتوح
السؤال :

ما حكم لمس الطبيبة الرجل المريض وهي ترتدي القفاز الطبي؟

الإجابة

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ; هذه المسألة بينها أهل العلم، ولا شك أن الأصل أنه لا يجوز للرجل أن ينظر للمرأة فاللمس أشد؛ ولهذا لا يجوز للمرأة أن تمس الأجنبي وكذلك الأجنبي لا يجوز له أن يمس المرأة إلا عند الضرورة، فإذا احتاجت المرأة العلاج ولم يوجد امرأة صاحبة المهنة سواء أن كانت مسلمة أو كافرة، يعني لو لم يتيسر مسلمة فكافرة، فإن لم يتيسر امرأة مسلمة فرجل وإن تيسر مسلم كان أولى، فإن لم يوجد مسلم فلا بأس أن تتداوى عند كافر، كل هذا مع معرفة أنه لابد أن يكون عالماً بالصنعة حتى يحصل المقصود من العلاج. فإذا اضطرت المرأة للعلاج عند الرجل لا بأس، وثبتت الأدلة بذلك وأنه لا ضرر ولا ضرار، والضرورات تبيح المحظورات بشرط عدم نقصانها عنها، وأدلة الشريعة في هذا كثيرة على هذه القاعدة، فإذا حصل الضرر بعدم العلاج فلا بأس أن تتداوى عند الرجل، ثم يُعلم أن علاج المرأة يختلف، فكشف الوجه له حال، وكشف الرأس أشد، كشف ما دون ذلك أشد، حتى يصل الكشف إلى كشف السوءة، ولهذا كلما كانت العورة أغلظ كلما كان التحريم أشد، وإذا كانت العورة أشد كان التحريم أشد في حال الاختيار، في حال الاضطرار كذلك يكون التشديد في باب العلاج يشتد في العورة المغلظة في القبل والدبر، ما لا يشتد في الصدر والظهر والبطن، وكذلك في الوجه ما لا يشتد يكون شديداً في الرأس، وما لا يكون شديداً في الوجه ونحو ذلك. فهذه الأمور ترتب بحسب غلظ العورة وشدتها، وخاصة عورة المرأة لأنها أشد من عورة الرجل، فلابد أن تكون ضرورة شديدة في بعض المواضع، ثم يكون العلاج لنفس الموضع الذي يحتاج إلى علاجه لا يجوز أن يزاد على ذلك بنفس المكان، فإذا كان العلاج مثلاً في العين تكشف العين وحدها ولا تكشف الخد إلا بقدر ما يحتاج إليه لأجل المداواة فإذا كان العلاج مثلاً في الظهر أو البطن في الموضع الذي يكون فيه الألم موضع علاج، لأنها ضرورة والضرورة تقدر بقدرها، ولا يباح منها إلا الموضع الخاص الذي هو موضع الضرورة. إن القاعدة في ذلك أن الأصل التحريم مثل أكل الميتة، أكل الميتة إذا اضطر الإنسان إلى ميتة واحتاج إلى الأكل لأنه لو لم يأكل لهلك، فإذا كانت تكفيه لقمة يمكن أن تسد جوعته وتزول بها ضرورته، لم يجز أن يزيد عليها شيئاً؛ لأن الأصل ما بعد هذه اللقمة حرام إلا إذا كانت الضرورة مستمرة، لا بأس أن يزيد على الصحيح، الإنسان في مكان لا يجد إلا الميتة، مستمرة عليه، لو قلنا له لا تأكل في اليوم والليلة إلا لقمةً واحدة يمكن أن يبقى معه نفسْه ونفسَه لأصابه الضرر والهزال، وهذا ضرر قد يؤدي به إلى الهلاك فهذا لا بأس بل يجب أن يأخذ بقدر حاجته ولو كان فوق سد الرمق، بخلاف الضرورة العارضة التي تزول بعدها.مثل إنسان نزلت به ضرورة واحتاج اضطر إلى أكل الميتة وهو يعلم أنه مثلاً بعد نصف يوم سوف يجد السعة، إذاً لا يجوز أن يزيد على موضع الضرورة لأنه سوف تزول بعد وقتٍ يسير، بخلاف الضرورة المستمرة، فلا حكم، وورد حديث عند الترمذي على هذه المسألة (1)، المقصود أن الواجب هو أن تقدر الضرورة بقدرها ولا يزاد على قدر الحاجة. وأيضاً ينبغي أن يكون الطبيب مؤتمناً إذا وجد مثلاً طبيبان وأحدهما مؤتمن، يعني قصدي الأمانة من جهة دينه، وآخر ليس بذاك المؤتمن وكلاهما صاحب صنف وصاحب يعني ماهر في عمله، لا ميزة لأحدهم عن الآخر، في هذه الحالة كما يظهر يجب تقديم الأمين المؤتمن في دينه لأنه هو الذي يلتزم في الغالب بالحد الشرعي ويكف بصره قدر المستطاع، وكذلك المس ويجتهد في النصح للمريضة، وكذلك أيضاً المرأة مع الرجل.أما ما أشير إليه في مسألة لبس شيء يحجز، هذا أيضاً طيب هذا، هذا إذا كان مثلاً يمكن أن الطبيب يلبس قفاز ونحو ذلك من ما يحول بينه وبين جلد بدن المرأة مثلاً في ذاك الموضع فهذا متعين، ما دام أنه لا يعوق عمله، لأنه كما تقدم هو ضرورة والضرورة تقدر بقدرها.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1)عَنْأَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ, أَنَّهُمْ قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ , إِنَّا بِأَرْضٍ تُصِيبُنَا بِهَا الْمَخْمَصَةُ , فَمَتَى تَحِلُّ لَنَا الْمَيْتَةُ ؟ قَالَ : " إِذَا لَمْ تَصْطَبِحُوا , وَلَمْ تَغْتَبِقُوا , وَلَمْ تَحْتَفِئُوا , فَشَأْنُكُمْ بِهَا " . أخرج أحمد (21389) والترمذي (2180).


التعليقات