يقول السائل : ما حكم سفر المرأة لصلة الرحم بدون محرم؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
صلة الرحم من الأمر المشروع لكن لا يجوز للمرأة أن تسافر بغير محرم في جميع الأسفار؛ للحج والعمرة وكذلك أيضًا سائر الأسفار؛ لصلة الرحم وغير ذلك، لظاهر النصوص الكثيرة عن النبي –عليه الصلاة والسلام-،جاء بعض أهل العلم كالجمهور أنه يجوز للمرأة أن تسافر سفر طاعة؛ كسفر الحج والعمرة، سفر الحج والعمرة إذا كانا واجبين، وحكوا عن الجمهور مع نسوة ثقات.
وهذا قوله قوته فهو قوته مع الاطمئنان الأمن، واطمئنان المرأة في سفرها، وعدم وقوع مفسدة.
وقالوا إن عموم النصوص ربما تخصص من جهة المعنى.
وقالوا أيضًا إن المرأة حينما تسافر مع رفقة، وتكون هذه الرفقة في جمع كثير؛ إما في سفينة، باخرة، سفينة مثلًا، أو في طائرة فيها جمع كثير؛ بعض أهل العلم ينزّل الجمع الكبير منزلة البلد والقرية فكأنها لم تسافر، حينما تكون في جمع كبير عظيم فكأنها في بلدها من جهة اطمئنانها وأمنها وعدم الخوف عليها، وهذا إذا نظرنا إلى أن العلة هو هذا الشيء، إلى أن هذا هو العلة لكن من منع قال: إن العلة بالاطمئنان عن سفر المرأة هو السفر، بغير محرم هو السفر، ليست العلة هو الخشية عليها، ليست العلة الخوف، العلة في نهي المرأة عن سفرها وهو السفر هذه هي العلة، اما الخشية عليها وخوف وقوع شر هذه الحكمة، والشارع ما علل النهي عن سفرها بحكمة، إنما علله بماذا؟ بالعلة؛ بالسفر، وهذا أمر مهم حينما نلحظه في هذا مما يضعف ما ذكره بعض العلماء حينما تكون مع رفقة تطمئن بسببها؛ لأننا حينما نقول أنها إذا كانت مع رفقة وأمنت واطمأنت عللنا بالحكمة، والشارع لا يعلق الأحكام بالحكم إنما يعلقها بالعلل، ويجوز التعليق بالحكمة إذا كانت منضبطة على الصحيح، وهذه المسألة ليست الحكمة منضبطة، الحكمة إذا كانت مضطردة منتشرة أو خفية ونحو ذلك فلا يعلل، وهذه الحكمة غير منضبطة، جاءت (3:22) تأمن بسفر هذا السفر أمر مضطرب، وهذا مثل ما يعلن قصر الصلاة في السفر ما علته؟ قصر الصلاة، ايش العلة؟ متى تقصر في السفر؟ إذا سافرت {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ}[النساء: 101] فالقصر معلق بالسفر، وايش الحكمة من القصر؟ المشقة؛ لأجل المشقة، هل أنت تقصر عند المشقة وتتم عند عدمها؟ أو تقصر مطلقًا؟ تقصر مطلقًا، سواء وجدت المشقة أو لم توجد وهي الحكمة.
كذلك النبي –عليه الصلاة والسلام- علق النهي عن سفر المرأة بغير محرم بالسفر هذه هي العلة، ولم يعلقه بالحكمة؛ وهو الخشية عليها وإن كانت هي الحكمة، لكن لأنها غير منضبطة علقها بالعلة، والعلة وصف ظاهر منضبط لا يضطرب فهذا ما يدل عليه أنه ربما تحصل لها مشقة، ربما تنزل في مكان لخلل مثلًا إذا كانت في طائرة ، ربما ايضًا تمرض يحصل لها مرض، يحصل لها ضعف يكون معها من يحملها، ولاشك في حال الضرورة يجوز يحملها الأجانب لكن لماذا تعرض المرأة نفسها لمثل هذه المواقف المحرجة.
ومن العلماء استثنوا سفر المرأة بغير محرم لحال الضرورة مثل ما لو كانت وحدها وجدت امرأة وحدها بالبرية ضائعة فخشيت عليها، يجوز أن تحملها بل يجب عليك ذلك ولو بغير محرم.
كذلك سفرها من بلد ولو سافرت وحدها للضرورة، ذكر العلماء هذا الأحوال، لكن في حال الاختيار والاطمئنان ففي هذه الحال على المرأة أن تأخذ بما أمر به النبي –عليه الصلاة والسلام- والحمد لله المرأة حينما يكون لها نية لعمل الخير فلا يمكنها ذلك لعدم المحرم فإن الله يكتب لها ما نوته ما دامت غير قادرة عليه، وهذا أدلته كثيرة في السنة.
مثل المسألة أيضًا هي تريد السفر فتقول لابد من محرم، وإن كان بعض أهل العلم وهو ظاهر كلام شيخ الإسلام –رحمه الله- أنه جوّز عند وجود الرفقة المأمونة أن تسافر المرأة للحج قال أيضًا وقياسه أو في معناه كل سفر طاعة؛ كل سفر طاعة عنده يجوز ذلك مثل السفر لطلب العلم، سفر لصلة الرحم.
والأمر كما قال أبي بكر بن المنذر –رحمه الله- كل منهم اشترط شرطًا وشرط النبي أولى.
الحكاية محكمة من أبي بكر يقول كل شرط؛ بعضهم قال شرط أن تكون برفقة مأمونة، وبعضهم قال يشترط الجمع الكبير، والنبي اشترط شرطًا واحدًا، وجود محرم، وشرط النبي أولى كما قال، وهذا كلام عظيم لأبي بكر بن المنذر –رحمه الله-.
بل جاء نصًا لحديث عن أبي هريرة عند الداراقطني: «لا تحجنّ امرأة إلا مع ذي محرم».