مصدر الفتوى :
فتاوى المسجد الحرام - الحج 1435
السؤال :

يقول : نحن نعلم أنه يجب علينا أن نتبرأ من الكفار فكيف يتبرأ الرجل من زوجته النصرانية؟

الإجابة

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ; التبرأ يكون بالقلب، والإحسان يكون بالأفعال، بقولك بإحسانك، يقول: الله عز وجل{لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}[الممتحنة:8]، وقال: {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا معروفا}[لقمان:15]، فإذا كان هذا بالوالدين ولو كانا كافرين، صاحبهما معروفا، وبر بهما، لا ينافي بغض ما هم عليه من الشرك والعداوة،{وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَه}[الممتحنة:4]، الغاية إلا أن يؤمن بالله وحده، ولا يشرك به شيئا سبحانه وتعالى. فسنته عليه الصلاة والسلام هو الإحسان، وقد كان عليه الصلاة والسلام يحسن إلى بعض الكفار، وكان يأمر أصحابه بذلك، وقصته مع ثمامة بن أثال بالإحسان إليه وكان سيدا في بني حنيفة حتى أسلم،(1) . هذا لا ينافي العداء والبغضاء.كذلك أيضا إذا كانت زوجته نصرانية، كونه لا يجبرها على الإسلام ويتركها على ماهي عليه من الدين، والعداوة التي بينهم هذه العداوة، لابد أن تنتفي كل العداوات إلى مودة، فأنت تحسن إلى زوجك إذا كانت ليست مسلمة، ولعل إحسانك يكون سببا لترك ماهي عليه من الدين، كذلك أيضا ما هو أبلغ لو كان لك والدين غير مسلمين ، أو كان من قرابتك. والنبي عليه الصلاة والسلام كان يأمر بالإحسان، والله يقول:{وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}[البقرة:195]، عموم الإحسان، أن يحسن إلى الناس عموما، ولو كانوا  كفاراً، فالإنسان يحسن إلى كل من كان على وجه الأرض، حتى الحيوانات، حتى الكلاب، حتى ما يقال إن بعض العلماء قال بالإحسان إلى الخنزير المأمور بقتله، يحسن إلى الخنزير، مع أنه مأمور بقتله. لو وجدت الخنزير شديد العطش، أو شديد الجوع، فأطعمه، وأسقه، ثم تقتله بعد ذلك ، لا تقتله سقطا  لا في هذه الحال لن يكونوا بعدما تحسنوا إليه، وهذا ورد في أخبار الإحسان إلى الحيوانات، وأنه سبب للمغفرة،(2) والدخول إلى الجنة في أحاديث صحيحة عنه عليه الصلاة والسلام.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) أخرجه البخاري (4372) ،  و مسلم (1764). (2)عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: غُفِرَ لِامْرَأَةٍ مُومِسَةٍ، مَرَّتْ بِكَلْبٍ عَلَى رَأْسِ رَكِيٍّ يَلْهَثُ، قَالَ: كَادَ يَقْتُلُهُ العَطَشُ، فَنَزَعَتْ خُفَّهَا، فَأَوْثَقَتْهُ بِخِمَارِهَا، فَنَزَعَتْ لَهُ مِنَ المَاءِ، فَغُفِرَ لَهَا بِذَلِكَ "  أخرجه البخاري (3321) ،  و مسلم (2245) ،   


التعليقات