رجلٌ زنا بامرأة، وتزوج بنتها، وقالوا له إن هذا حرام، وله منها أولاد، فماذا يفعل؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد ;
هذه مسألة فيها خلاف، والمشهور في مذهب أحمد رحمه الله، ومذهب أبي حنيفة، أن من زنا بامرأة فإنه لا يجوز أن يتزوج ابنتها، وألحقوا الحكم كمن تزوجها، فكأنها ربيبته،{ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ }(1) فقالوا لا يجوز أن يتزوجها، وذهب مالك رحمه الله في أحد القولين عنه، وكذلك الشافعي رحمه الله إلى أن الحرام لا يحرم الحلال، ولا بأس أن يتزوجها، لأنها ليست داخله في مسمى النساء المحرمة عليه شرعاً، وليست حليلًة له، وليست زوجًة له، فيجوز له أن يتزوج بنتها، ويجوز له أن يتزوج أمها، وكذلك يجوز لأبيه وابنه أن يتزوج المرأة التي زنا بها، فليست كالزوجات، والله سبحانه وتعالى إنما حرم الربيبة التي هي بنت الزوجة، وحرم على الأب وعلى الابن زوجة الابن، وزوجة الأب، وهذه ليست زوجة، فقالوا إن هذا الإلحاق لا يصح، وهذا القول أقوى،لكن في الحقيقة ينبغي في مثل هذه المسائل التحري، مادام أن الإنسان في سعة، فلا يدخل نفسه في أمر ربما يكون في حرج، لأنه ربما حينما يتزوج هذه البنت مثلًا، وأمها قد زنا بها، ربما يوسوس الشيطان فيما حدث بينهما، وخاصة لقربه منها، فيقع شر فيسد الباب، أما إذا كان كما في هذه الصورة أمرٌ وقع، فنقول الحمد لله، الأولاد أولادك، وهم شرعيون، على كل حال أولادك، وما دمت قد دخلت بها فالأمر انتهى، وتبقى هي زوجتك، على أحد القولين كما تقدم ، وأنا أقول الإنسان يسأل عن حالٍ لم تقع، لكن إذا تزوج بناءً على أنه جهل الحال، أو تزوجها بناءً على أنها يجوز الزواج بها، ثم سأل بعد الدخول بها، ففي هذا الحال لا يؤمر بمفارقتها، خاصة إذا كان عنده منها أولاد فالأمر يكون أشد، لما يترتب عليه من المفاسد، ومفارقته لها، ثم القول بجواز الزواج بها، هو القول الأظهر من حيث الدليل والحمد لله، والله الموفق.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة النساء الآية (23).