يقول السائل : أب تبنى بنتًا، ونسبها إلى عائلته، ووضعها في دفتر الحالة المدنية؛ أبنائه يسألون، كيف تبرأ ذمة هذا الأب علما أنه قد توفى؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
الله عز وجل يقول: ﴿ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾[الأحزاب:5].كان الأمر قبل نزول هذه الآية جائز، وكان النبي عليه الصلاة والسلام يدعوا زيد ابن حارثة بزيد بن محمد وفي الحديث « ما كنا ندعوه إلا زيد بن محمد» كما في الصحيحين(1).فكانوا يدعوه زيد بن محمد حتى نزلت هذه الآية، فلم يدعى إلى النبي عليه الصلاة والسلام بعد ذلك يقصد إن علم أبوه وإن لم يعلم أبوه فإنه يسمى باسم يعبد لله سبحانه وتعالى، ولا يجوز التبني بمعنى أنه ينسبه إليه،
لكن يجوز أن تسميه، وأن تنسبه نسبةً على سبيل التعبيد، والواجب الإحسان إليه، ومعلومات الإحسان إليه له أجر عظيم، وإذا كان اليتيم له أو لغيره. قال النبي عليه الصلاة والسلام: ("مَنْ عَالَ جَارِيَتَيْنِ حَتَّى تَبْلُغَا دَخَلْتُ أَنَا وَهُوَ الْجَنَّةَ كَهَاتَيْنِ (يَوْمَ الْقِيَامَةِ) وَأَشَارَ بِأُصْبُعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى ")(2) فمن كان ينتسب لغير أبيه فحاله أشد لأنه على هذا الحال يسمى اللقيط فهو أشد من اليتيم فاليتيم غاية الأمر أنه توفي والده وهو صغير، لكنه ينتسب إلى أقاربه وأهله، أما اللقيط فأمره أشد، ثم ربما يجد التوخي من الناس، فمن اعتنى به ورباه، فلا شك أن أجره عظيم عند الله-سبحانه وتعالى- بالقيام عليه وتربيته والإحسان إليه حتى يقوم بنفسه.
السائل: ما الحكم إن أعلن على الملأ أنه ليس بطفله لكن هو في شهادة الميلاد نسبه إلى نفسه ؟
الشيخ: الإعلان لا يكفي، فالإعلان لمن حضر، أما إذا نسبه إليه، فقد يموت الذين يعلمون ، ولا يعلم بالحال، أيضًا ربما ينتقل بعد ذلك، ويلتقي إلى أقوام آخرين، فيبدأ ينتمي إلى ناس لا يعرفونه، وينتسب إليهم، ثم ربما بعد ذلك أولاده وذريته يجهلون الحال، فينسب إليه، ويرثه، ويترتب عليه أمور عظيمه، فمن هذا لا يجوز له ذلك، لكن عليه أن يحترز في مثل هذا، ويبين الأمر، والله -سبحانه وتعالى- يتولى أمره.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)أخرجه البخاري (4782) ، ومسلم (2425) ،
(2)أخرجه مسلم (2233)(130)،والترمذي (2621) وقال الترمذي حسن غريب مِنْ هَذَا الوَجْهِ.