مصدر الفتوى :
اللقاء المفتوح
السؤال :

أنا أعمل في المستشفى ومعي دكاترة رجال فما حدود التعامل معهم؟

الإجابة

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد ; حدود التعامل هو الصيانة، هو الحماية والعفة، والنبي عليه الصلاة والسلام قال: « مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً هي أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ »[1] في الصحيحين، وقال في حديث جابر في صحيح مسلم : (فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ)[2]، وقال عليه الصلاة والسلام : (أَلا لا يَخْلُوَنَّ رجل بامرأة إِلا كانَ ثالثَهُمَا الشيطانُ)[3]، وقال : (ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم)[4] في الصحيح من حديث ابن عباس، أما مسألة الخلوة فقد وقع خلاف فيها في المعنى والتفسير لكن إذا كان ورد في المحرم في الخلوة هذا في الأحوال التي لا يؤمن فيها التي ثبتت أيضاً وجود نساء لكن مع عدم الخلوة مع أمن الفتنة وحشمة المرأة، المقصود جاء أيضاً حديث عند أحمد والترمذي بإسناد صحيح إنه عليه الصلاة والسلام قال : (أَلا لا يَخْلُوَنَّ رجل بامرأة إِلا كانَ ثالثَهُمَا الشيطانُ)[5]، فإذا كان عملها في هذه المستشفى أو هذه العيادة يترتب عليه خلوة بالرجال فهذا لا يجوز، وإن كانت الحقيقة هم مجموعة من الرجال وهي واحدة، لم تحصل الخلوة بمعنى أنهم أكثر من واحد وذلك أن وجودها مع الرجال واختلاطها مما يهون عليها هذا الأمر، فهي حينما تخالط الرجال وتحدثهم وتجلس معهم في مكان واحد وهم مجموعة فيزول تلك الهيبة من الخلوة بالرجل والحديث مع الرجل وتستهين بالحديث معه وتستهين بالدخول عليه وهذا لا شك شر عظيم، والتشريع أحكم هذا الأمر وكم حصل من المأسي والمفاسد بذلك، بل قال عليه الصلاة والسلام  في حديث عقبة في الصحيحين:( أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ؟ قَالَ: الْحَمْوُ الْمَوْتُ) هذا في الحقيقة يشمل عموم الحمو حتى محرمها الذي أبو الزوج أو ابنه يدخل في هذا، يدخل فيه المحرم وغير المحرم، يدخل فيه أخو الزوج، ويدخل فيه محارمها من أصول الرجل وفروعه عموماً؛ لإن هذا تحريم في غير المحرم رجالاً وفي حق المحارم من جهة أخرى لا من جهة عدم جواز الخلوة، لكن من جهة أخرى. فأقول أن مسألة المرأة مع الرجال الأجانب أمرها خطير وينبغي أن يعنى بها. فلهذا إن كان في مكان مختلط مع الرجال وتخالطهم وتحدثهم، فهذا لا يجوز لها ولا يأمن أن يقود إلى أمور لا تحمد عقباها، وعليها أن تحتاط في مثل هذا الأمر، وتطلب الرزق من باب آخر، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه كما في الحديث الذي رواه أحمد (إِنَّكَ لَنْ تَدَعَ شَيْئًا اتِّقَاءًا لِلهِّ جَلَّ وَعَزَّ، إِلاَّ أَعْطَاكَ اللهُ خَيْرًا مِنْهُ)[6]، والحمد لله أبواب الخير والرزق كثيرة للمرأة حينما تطلبها بالوجه الشَّرعي الحلال، خاصة حينما تطلب صيانتها وحمايتها، أما إذا كان في مكان خاص بالنساء فهذا لا بأس، أو كان مثلاً مكان يعمل فيه الرجال وتتعامل معهم في الحدود الأمور الرسمية والأمور التي لا يكون فيها اختلاط، يعني تسأل سؤالاً محدداً عن طريق الهاتف ونحو ذلك أو الكتابة والمراسلة ولا تخالطهم في أمور في حدود العمل مع الحماية والصيانة وعدم الاختلاط، فهذا لا بأس به وما سوى ذلك فينبغي الحذر منه.





[1] - أخرجه البخاري (4808)، ومسلم رقم (2740). [2] - أخرجه مسلم رقم (2742). [3] - أخرجه الترمذي رقم (2166)   أيضاً أحمد في " المسند " رقم (114) و (177). وفي الصحيحين عن ابن عباس " لا يَخْلُوَنَّ أحدكم بِامْرَأَةٍ إِلاَّ مَعَ ذِي مَحْرَمٍ " البخاري (5233)، ومسلم (1341). [4] -  أخرجه البخاري  (1862)، ومسلم  (1341)، من حديث عبد الله بن عباس، رضي الله عنهما. [5] - سبق تخريجه وذكر مصدره. [6] - أخرجه أحمد  (21019)  (21026)  و(23462) . و"النسائي" وفي "الكبرى" 11810 . و انظر: ((تفسير الطبري)) (15/85) ، ((كنز العمال)) (15/787) ، ((الدر المنثور)) (5/285).


التعليقات