يقول السائل : أنا من الجزائر، وعندي مشكلة مع أبي، أمرني أن أخذ من اللحية، وأن أنزع لباس الالتزام، وأنا لم أطعه في ذلك، عندي ثماني سنوات لم أتكلم معه، وأردت أن أتوب، لكنه طردني من البيت، وقال لي ليس بيني وبينك كلام إلى أن تطيعني.
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
هذا لا يجوز منك، لا يجوز هذا الفعل منك، كيف تهجر أباك، لو كان مشركا، والله عز وجل يقول: {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً}، لا تطعهما على المعصية، على مخالفة الشرع، لكن عليك أن ترفق بوالدك، قد يكون السبب شدتك في ما أنت فيه، تقول له أبشر إن شاء الله، أعطه من الكلام الطيب، وأرفق به، وتأنى به، وفي الغالب أنه يستجب لك، الله عز وجل يقول": {وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} فأنت عليك أن تكون لين الكلام، وأن تسترضى والدك، وتبين له السبب الذي لأجله تطلق فيه لحيتك، وفي الغالب أنه يستجيب، واجب عليك من الآن أن ترجع إلى أبيك، أو تتصل به، أو تعتذر له، أو تطلب منه العفو، قبل أن يدركه الموت، وإن كان فعله خطأ، لاشك في أنه خطأ، لكن لا يجوز لك أن تهجره، فأنت تصاحبه، وتكون معه، وفي عونه، وتكون عينه، ورجله، وقدمه، قريب منه، وأبشر بالخير، واسأل ربك الهداية، عليك أن تسأل ربك، أن تدعوا ربك أن يهديه، اجتهد في دعائك، وسؤال سبحانه وتعالى، ارجع إليه سبحانه وتعالى، يشرح لك صدرك، وأبشر فالغالب أن الوالد قصد بذلك الخوف على ولده، وإن كان هذا خطأ، فحينما يرفق الإنسان به ويبين السبل، وأنه ليس عليه خطأ، فاجتهد بارك الله فيك، ولو قلت له سوف أكلمك، وأقبل رأسك، وأقبل يدك، أبدا، مهما غضبت يا والدي، أنت والدي مهما فعلت معي {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} هذا إذا كان إنسان بعيد عنك بينك وبينه عداوة، تدفع بالتي هي أحسن، أبوك أنت فلذة كبده، ادفع هذا بالتي أحسن بالكلام الطيب الحسن، كثير من الناس يقول هذا فلان لا يريد أن يسمع، لا يريد أن يستجيب، وليس بصحيح، حينما غير أسلوبه، وغير طريقته، إذا غير الطريقة، والأسلوب الذي يستعمله تغير القلب، بعض الناس يسلك طريقة واحدة فيقول له غير، لأنه ينظر لك بهذا الأسلوب، غير الطريقة، غير الأسلوب، يتغير نظره تجاهك، يتغير تفكيره تجاهك، حينما تغير أبدا، تغير الطريقة، ورد بالكلام الطيب، وإذا قال لك هذا، لا تحط عليه، بعض الناس يشعر بالجفاء، ويأنف، هذا والدك مهما كان، فإذا شعر منك بهذه الكلمات، في الغالب يدركه، تدركه إن شاء الله، نسأل الله تبارك وتعالى أن يلين قلب والدك، وأن يهديه إلى الصراط المستقيم، ونقول له حاول بالكلام الطيب، لعله يهديه، وربما أيضا تستعين ببعض الناس الذين لهم مكانة في نفسه، من قرابتك مثلا، من أعمام وأخوال، من قرابته هو، قد يكون هناك بعض الناس الذين لهم وزن وثقـل، ويجلهم، تتصل بهم، وتقول الأمر كذا وكذا، أعينوني على حل هذه المشكلة، والله يعينك، وييسر لك أمرك،