• تاريخ النشر : 04/08/2016
  • 325
مصدر الفتوى :
فتاوى المسجد الحرام - الحج 1435
السؤال :

يقول السائل : ما هو علاج الوسوسة؟

الإجابة

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ; يقول النبي عليه الصلاة والسلام: ((إن الله تجاوز لي عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تكلم))(1) قال عز وجل: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}(2)، فالمقصود: أن ما يعرض للإنسان من وساوس لا يؤاخذ به ولله الحمد، لأنها من الشيطان في الغالب أو كانت من سائر الوساوس، وقد ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يَأْتِي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولَ: مَنْ خَلَقَ كَذَا وَكَذَا؟حَتَّى يَقُولَ لَهُ: مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ ؟ فَإِذَا بَلَغَ ذَلِكَ ، فَلْيَسْتَعِذْ بِاللهِ وَلْيَنْتَهِ)) (3) ، الصحابة رضي الله عنهم جاءوا للنبي عليه الصلاة والسلام كما في صحيح مسلم من حديث ابن مسعود وحديث أبي هريرة، قالوا:((إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به))(4)، وعند أبي داود من حديث ابن عباس بإسناد صحيح:(لأن يخر من السماء أحب إليه من أن يتحدث به)(5) .  قال عليه الصلاة والسلام من حديث ابن مسعود: ((ذاك محض الإيمان)) (6).وفي حديث أبي هريرة في صحيح مسلم قال: ((الحمدلله الذي رد كيده إلى الوسوسة)) (7) هذا فضل الله، يعني ذاك محض الإيمان، وهو أن الشيطان لا يأتي البيت الخرب، يأتي البيت المعمور، كذلك لا يأتي القلب الخرب يأتي القلب المعمور، وإن كان فيه تقصير، فيوسوس له بعض الوساوس، فكراهته له هذا هو الإيمان. لكن مع ذلك لا ينبغي لك أن تحمل نفسك الهم والغم وضيق الصدر، لا، لأنه قال ذاك محض الإيمان: الكراهية، خالص الإيمان، وقال: ((الحمدلله الذي رد كيده إلى الوسوسة)) وكيده ضعيف، ما دام رد كيده إلى الوسوسة فهذا هو الذي يستطيعه، وأنت معك سلاح: تعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قال: ((فليستعذ بالله ولينته))، جميع الوساوس، وخاصة هناك وساوس تعرض للإنسان لا ينفك عنها، لكن الذي ينبغي أنك لا تسأل عنها كثيراً ولا تتحدث بها، الصحابة رضي الله عنهم حينما سألوا ما كانوا يقولون كذا، قالوا: ((لأن يخر من السماء أحب إليه من أن يتحدث به)) وجاء رجل لابن عباس قال: ((ما شيء أجده في صدري ؟ قال: ما هو؟ قال: والله لا أتكلم به! قال: أشيء من شك؟ ما نجا من ذلك أحد)) (8) فهذا لم يسلم منه أحد، وعلى المسلم إذا عرض له  مثل هذه الأمور أن يُعرض عنها وينتهي ولا يتمادى.أيضاً لا يسأل عنه لأن الأقوال الباطلة إماتتها عدم ذكرها، فكيف بالوساوس؟ العلماء يقولون: الأقوال الباطلة لا يجوز ذكرها إلا في حال الضرورة، لأن عدم ذكرها إماتتها، ولهذا أقوال المبتدعة مهما أمكن لا تُذكر إلا عند الضرورة، هذا نبه عليه بعض العلماء كابن الخطاب وغيره، فكانوا يعرضون عن الأقوال الباطلة، ولذا قال عمر رضي الله عنه في الصحيحين لما قال: أدركني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أحلف بأبي، فقال عليه الصلاة والسلام: ((لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم، ولا بالأنداد ولا بالطواغيت، ولا تحلفوا إلا بالله، ولا تحلفوا إلا وأنتم صادقون)) (9) قال عمر رضي الله عنه: ((فوالله ما حلفت بها ذاكراً ولا آثراً)) آثراً: هذا موضع الشاهد، يعني ما ذكرت عن غيري من الناس أنه حلف بأبيه قال: وأبي، وإن كان جائز أن تذكر عن إنسان أنه حلف بأبيه من باب التحذير والبيان، أو تذكر أنه وقع في هذا الخطأ، ما قصدتها لكن تنقل، ومع ذلك عمر رضي الله عنه يقول: (( فو الله ماحلفت بها ذاكراً ولا آثراً)) (10) لأنه قول باطل يشرع تركه. وقد قال علاء الدين بن العطار رحمه الله في شرح العمدة وأشار إلى هذا المعنى، وأنه أصل في هجر الأقوال الباطلة، فهذا إذا كان بعض الأقوال التي تقال على سبيل الخطأ وإن كان من رجل من أهل العلم وهو قول باطل فكيف إذا كانت  أقوال من أقوال البدعة والضلالة، وما يكون أعظم من وساوس الشيطان أولى بعدم ذكرها والإعراض عنها وعدم التحدث بها. يقول أبو سليمان الداراني رحمه الله: إذا جاءك الشيطان ووسوس لك بأمر من الباطل فافرح ولا تحزن، افرح فإنه يغضب ويكون سبباً لإعراضه، لأنه يوسوس لماذا ؟ ليحزنك، لكي تحزن، لكي تتنكد، لكي ينغص عليك حياتك في عبادتك في صلاتك في معيشتك في أمورك، ترى كثير من الناس إذا ابتلي بعضهم بوساوس تجده يقول: أنا كذا وأنا كذا، يحدث أنه أصيب بهموم، الشيطان يفرح وأنت تحزن، الله عز وجل يقول: {إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا}(11): ،: فإذا كانت هذه الوساوس لأجل أن تحزن، لا، عامله بنقيض قصده، أنت مع فرحك تغيظه إلا أنك تكرهها وتُعرض عنها لأنها وساوس، فهذا من أسباب السلامة منها والإعراض عنها.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) أخرجه مسلم (125) (199) . (2) سورة: البقرة (286).  (3) أخرجه البخاري (3276) .ومسلم (214) (134) . (4)أخرجه مسلم (209) (132) . (5)أخرجه أبوداود (5112) وأحمد (2097) .
(6) أخرجه مسلم (133). (7) أخرجه مسلم (132). (8) أخرجه أبوداود (5110)  والضياء في "المختارة" (442) من طريق أبي داود.
(9) أخرجه البخاري (6108) .ومسلم (1648). (10) أخرجه الترمذي (1533).
(11) المجادلة  الآية (10)


التعليقات