يقول السائل : سماع الأناشيد الإسلامية بدون معازف يوميا بصورة غير مقطوعة هل يجوز ذلك؟
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله … وبعد ;
لا ينبغي للإنسان أن تكون الأناشيد في غالب وقته وديدنه دائما، هذا إذا كانت الأناشيد أناشيد مباحة تحث على مكارم الأخلاق، ومحاسن الأعمال، وليس فيها آهات، ولا نغمات، ولا موسيقى، ولا طبول، ولا شيء يحصل به الفتنة غير الكلمات الطيبة التي تكون من مكارم الأخلاق، والآداب الشرعية، إذا سمع الإنسان هذا مما يعيد على هذه الآداب والتحلي بها والتأدب بها، لكن كونه يكون دائم يعلق قلبه بها، قد يصرفه عن مصالح كثيرة، وقد يصرفه أيضًا عن قرءاه القرآن، وأيضًا مبادرة إلى أعمال الخير، فالشيء العارض أحيانًا ليس كالشيء الراتب، إنسان يكون راتب عنده يوميًا هذا الشيء، والصحابة كانوا ينشدون يسمعون أناشيد، لكن في أمور عارضة في العمل، كما كانوا ينشدون في بناء المسجد، كانوا ينشدون في بناء في حفر الخندق،(1) كانوا ينشدون أيضًا في السمر، في الشيء الذي يكون عونًا على الطاعة، إنشادهم -رضي الله عنهم - ليس استمتاعًا، ومضيعة للوقت، لا وهم يكونوا وسماع الإنشاد معين على أمرٍ من أمور الطاعة، فكأنه وسيلة لأمرٍ جليل، وهم جعلوا هذه الأشياء وسيلة، والناس اليوم اتخذوا النشيد عملًا، والأصلُ أنه ليس عملًا، الأصل أنه وسيلة إلى العمل، وسيلة إلى الإعانة على العمل، هذا هو الأصل كما في الوقائع المنقولة، إلا الشيء الذي يعرض حينما ينشد بين يدي النبي عليه الصلاة والسلام، هذا يقع هذا أيضًا يكونوا في المدح، والثناء، كما في مدح المهاجرين الأنصار الأوس والخزرج بين يدي النبي عليه الصلاة، في شعر حسان، وشعر مالك، فالأناشيد والنشيد يكونوا إعانًة على الخير، الصحابة -رضي الله عنهم - يقع منهم هذا الشيء في الغزو مثلًا، وفي السفر فتنشط الإبل وتسمع فيكون سببًا في سرعتها، ونشاطها،(2) ونشاطهم، يسمع كونه يجعل النشيد غاية، ومقصد، وراتب من الراتب في اليوم مرة، مرتين، وربما يكون بالساعات، هذا فيه نظر قد يقود إلى أمور أخرى غير محمودة، فالإنسان يحتاط لنفسه، ودينه، نعم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)عَنِ البَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْقُلُ التُّرَابَ يَوْمَ الخَنْدَقِ، حَتَّى أَغْمَرَ بَطْنَهُ، أَوْ اغْبَرَّ بَطْنُهُ، يَقُولُ: «وَاللَّهِ لَوْلاَ اللَّهُ مَا اهْتَدَيْنَا، وَلاَ تَصَدَّقْنَا وَلاَ صَلَّيْنَا، فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا، وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاَقَيْنَا، إِنَّ الأُلَى قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا، إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا» وَرَفَعَ بِهَا صَوْتَهُ: «أَبَيْنَا أَبَيْنَا». أخرجه البخاري (4104) ومسلم (1803).
(2) عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي سَفَرٍ، وَكَانَ غُلاَمٌ يَحْدُو بِهِنَّ يُقَالُ لَهُ أَنْجَشَةُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رُوَيْدَكَ يَا أَنْجَشَةُ سَوْقَكَ بِالقَوَارِيرِ» قَالَ أَبُو قِلاَبَةَ: يَعْنِي النِّسَاءَ أخرجه البخاري في "صحيحه" (6149) ، ومسلم (2323) (71).