• تاريخ النشر : 24/05/2016
  • 428
مصدر الفتوى :
اللقاء (05)
السؤال :

ما حكم الأناشيد مع الدف؟

الإجابة

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله .. وبعد ; الدفوف لا يخفى أنها جائزة في بعض الأحوال، ومحرمة في أحوال أخرى واختلف في الأحوال الأخرى . فهي تجوز في النكاح وتجوز أيضاً في العيدين ودلت الأدلة عن النَّبيّ عليه الصلاة والسلام في حديث الربيع بنت معوذ في البخاري في النكاح وكذلك لحديث عائشة، « فَصْلٌ ما بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، الدُّفُّ وَالصَّوْتُ فِي النِّكَاحِ »[1] عند النسائي وغيره بإسناد جيد وجاء (أَعْلِنُوا النّكَاحَ واضْرِبُوا عَليه بِالْغِرْبَال)[2] وهذا حديث ضعيف من طريق عيسى بن ميمون في الترمذي لكن الأحاديث الصحيحة تغني عنه،وأما في العيدين فعن عائشة في الصحيحين (وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ مِنْ جَوَارِي الْأَنْصَارِ؛ تُغَنِّيان بِمَا تَقَاوَلتِ بِهِ الْأَنْصَارُ يَوْمَ بُعَاثٍ )[3] وعلى هذا هل يلحق بها غيرها؟ بعض العلماء ألحقوا قدوم الغائب على حديث ابن بريدة وحديث عبد الله بن عمر في هذا الباب، وأيضاً فيما جاء عن عمر رضي الله عنه أنه أيضاً في الختان كان إذا سمع صوت دف كان في عرس أو ختان فإنه يسكت رضي الله عنه . لكن ما يتعلق بالأناشيد لم يأتِ دليل فيها إنما الذي ثبت في عهده عليه الصلاة والسلام هو الغناء والحداء بالصوت الحسن الطيب الذي ينشط بالكلمات الطيبة الداعية إلى الأخلاق الحسنة والجهاد ومكارم الأخلاق ومكارم الأعمال والدعوة إلى الله سبحانه وتعالى وما أشبه ذلك. هذا هو الذي ورد ولم يثبت شيء من هذا، بل المعروف في كلام  كثير من أهل العلم أن الدف خاص بالجواري الصغار، وألحق بهن النساء الكبار من جهة أنه من شأنهن، وأن الجواري هن اللاتي كن يدفدفن في عهد النَّبيّ عليه الصلاة والسلام ولم يعلم ولم يعرف أن الرجال كانوا يضربون بالدف. ومن أهل العلم من قال إنه يجوز لكن على كل حال في مسألة الأناشيد لا دليل فيها، وذلك أن الأصل في مثل هذا هو المنع إلا ما دل الدليل عليه، ولهذا لما جاء الاستثناء في هذا وأن أبا بكر رضي الله عنه قال: أَبِمَزْمُور الشيطان في بيْت رسولِ الله[4] صلى الله عليه وسلم؟ وذلك يومَ عيد، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ لكل قوم عيداً، وهذا عيدُنا"[5]. وهذا يبين أن الأصل هو الحظر والمنع إلا ما استثني في الرخص كما تقدم. وكانوا ينشدون بإذن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم بل إنهم ربما اشتد عليه الأمر في حفر الخندق، وكانوا ينشدون، ولا شك أن ربما يكون هذا مقوياً لهم، ولم ينقل لا في الجهاد ولا في غيره أنهم فعلوا ذلك كل هذا مما يبين أنه على حد المنع في مثل هذا للقاعدة أن الرخصة لم ترد إلا في هذا الشيء، فمن قال: أنه يجوز، نقول: ما الدليل عليه؟ ولهذا في قدوم الغائب بعض العلماء منع، مع أن النَّبي عليه الصلاة والسلام عندما قالت امرأة سوداء: ( إِنِّي كُنْتُ نَذَرْتُ إِنْ رَدَّكَ اللَّهُ صَالِحًا أَنْ أَضْرِبَ عِنْدَكَ بِالدُّفِّ)[6] حديث بريدة7]، وهل يلحق به كل قادم كما يقوله ابن رجب - رحمه الله - أو القادم الكبير كما يقيده ابن كثير - رحمه الله - وقوله أمتن من قول ابن رجب - رحمه الله - ؟ أو يقال هو خاص بالنَّبيّ عليه الصلاة والسلام ؟ ولعل هذا هو الأظهر والله أعلم، لأن هذه الخصوصية لأن سلامته عليه الصلاة والسلام غالية، وقد رجع أناس من أصحابه في كثير من الغزوات والسرايا ورجعوا وكانوا في عهد الصحابة - رضي الله عنهم - في الغزوات والسرايا ورجعوا سالمين وكان النَّبيّ عليه الصلاة والسلام يبعث أصحابه في بعض الأمور وفيها مخاطرة لمواجهة الأعداء وما أشبه ذلك، وأرسل بعض أصحابه إلى قتل بعض اليهود ممن غدروا وكفروا وازداد شرهم ورجعوا إلى النَّبيّ عليه الصلاة والسلام ولم يأمر بشيء من ذلك، فهذا والله أعلم قد يبين خصوصية النَّبيّ بذلك دون غيره وهذا هو الأقرب والأظهر والله أعلم .



[1] - أخرجه أحمد  (15530) و(18468) و(18469). والترمذي (1088). والنسائي (3369)، وفي  الكبرى (5537). وابن ماجه (1896). وصححه الحاكم في مستدركه: (2750) ووافقه الذهبي. [2] - أخرجه الترمذي(1089)، وابن ماجه (1895)، والبيهقي السنن الكبرى (7/ 290) (14475) وإسحاق بن راهويه في مسنده ج 2/  ص 394 (945) عن عائشة- رضي الله عنها. [3] - أخرجه البخاري (3716) ، ومسلم رقم (892). ([4] ) أخرجه البخاري (944) ومسلم: (892). [5] - المصدر السابق. [6] - أخرجه  أحمد (22989)، والترمذي(3690) وابن حبان (6892). [7] - أخرجه  أحمد (22989)، والترمذي(3690) وابن حبان (6892).


التعليقات